Tafsir Al-Uthaymeen: As-Sajdah
تفسير العثيمين: السجدة
Publisher
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٦ هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
وقال المُفَسِّر ﵀: [الإسراء] لأنَّ الإسْراءَ والمعْراجَ في ليلةٍ واحِدَة، هذا ما ذَهَبَ إليه المُفَسِّر؛ ويُحْتَمَلُ أنَّ قوله تعالى: ﴿فَلَا تَكُنْ﴾ خطابٌ لموسى؛ يعني: آتَيْنا موسى الكتابَ قائلينَ له: لا تَكُنْ في مِرْيَةٍ من لقائِهِ؛ أي لقاءِ الجَزاءِ عليه؛ أي: على الكتابِ، والمعنى أنَّ هذا الكتابَ الذي آتيناكَ إيَّاه لا بدَّ أن يُحاسَبَ عليه مَن نَزَلَ إليهم حتى يلاقُوا جزاءَهُم.
ويُحتَمَل أنَّ المعنى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ﴾ أي لقاء ما لَقِيَه موسى من الأذى؛ فإنَّ موسى أُوذِيَ، وقال النَّبيُّ ﵊: "لَقَدْ أُوذِيَ مُوسَى بِأَكْثَرَ مِنْ هَذا فَصَبَرَ" (^١) وهذا أيضًا من المعنى الحَسَن: أنَّ المعنى: أنَّنا آتَيْناه وآتَيْناكَ أيضًا وأُوذِيَ فسَتُؤْذَى؛ فلا تَكُنْ في شكٍّ من هذا، وهذا هو الواقِعُ؛ فإنَّ الرَّسُولَ ﵊ لَقِيَ من الأَذى الشَّيْءَ الكثيرَ، وكُلُّ من تَبِعَ شَريعَتَه وانْتَهَج مِنهاجَهُ في الدَّعْوة إلى الله والعَمَل في شَريعَةِ الله فَسَيَلْقى الأذى، ولكنَّ الشَّأْنَ كلَّ الشَّأْنِ: هل يَلْزَمُ من الأَذى الضَّرَرُ؟
الجوابُ: لا يَلْزَمُ من الأذى الضَّرَرُ؛ ولهذا يَصِحُّ أن نقولَ: إنَّ الله يُؤْذَى ولا يتضَرَّرُ؛ كما قال الله ﷾: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ وكما قال ﷾ في الحديث القُدُسِيِّ: "يُؤْذِيني ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ" (^٢) مع أنه قال ﷿ في الحديثِ القُدُسِيِّ: "يَا عِبَادِي، إنَّكُمْ لم تَبْلُغُوا ضُرِّي
(^١) أخرجه البخاري: كتاب الأدب، باب الصبر على الأذى، رقم (٦١٠٠)، ومسلم: كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي إيمانه، رقم (١٠٦٢)، من حديث ابن مسعود ﵁. (^٢) أخرجه البخاري: كتاب التفسير، باب ﴿وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ﴾ الآية، رقم (٤٨٢٦)، ومسلم: كتاب الأدب، باب النهي عن سب الدهر، رقم (٢٢٤٦)، من حديث أبي هريرة ﵁.
1 / 109