105

Tafsir al-Uthaymeen: As-Saffat

تفسير العثيمين: الصافات

Publisher

دار الثريا للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Publisher Location

الرياض - المملكة العربية السعودية

Genres

من اللبن. والواقع أن الآية لا تدل على أنها أشد بياضًا، وإنما جاء أشد بياضًا من اللبن في وصف حوض النبي ﷺ الذي يكون في عرصات القيامة، فقد جاء في وصفه أنه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب من رائحة المسك (^١)، أما الخمر في الجنة فوصفه الله تعالى بالبياض فقط، قال: ﴿بَيْضَاءَ﴾ و﴿لَذَّةٍ﴾ لذيذة وهنا عبّر بلذة المصدر عن اسم الفاعل أو اسم المفعول؛ لأن لذيذ يصلح لاسم الفاعل واسم المفعول، لأن الوصف بالمصدر أبلغ من الوصف بالمشتق من المصدر، فأنت إذا قلت: فلان عدل. أبلغ من إذا قلت: فلان عادل. كأنك جعلته هو العدل بنفسه، فهنا وصف هذا الخمر أو هذه الكأس بأنها لذة يعني كأنها هي اللذة لا الشيء المتصف باللذة، فالتعبير بالوصف عن الموصوف أبلغ من التعبير بالموصوف؛ لأنه تعبير بالأصل عما تفرع منه، فالمشتق متفرع من المصدر، ﴿لِلشَّارِبِينَ (٤٦)﴾ هذا من باب التوكيد يعني أنهم في حال شربهم إياها يتلذذون بها. قال المؤلف: [بخلاف خمر الدنيا، فإنها كريهة عند الشرب]، أما خمر الآخرة فهي لذة للشاربين. وهي سالمة من الآثار السيئة كما قال تعالى: ﴿لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ (٤٧)﴾. ﴿يُنْزَفُونَ﴾ قال المؤلف ﵀: [بفتح الزاي وكسرها من نزف الشارب وأنزف أي: يسكرون بخلاف خمر الدنيا].

(^١) أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب في الحوض (٦٥٧٩)، ومسلم، كتاب الفضائل، باب إثبات حوض نبينا ﷺ وصفاته (٢٩٩٢).

1 / 108