Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
Publisher
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٦ هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
أوِ بالعَكْسِ، قَال الله تَعَالى: ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾، يعْنِي أنَّ هَؤُلاءِ الكفَّارَ بمنْزِلةِ الأمْواتِ، والمُؤمِنُ حيٌّ ولا سيِّما العالم، قالَ الله تَعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾ [الأنعام: ١٢٢]، وسمَّى الله القرآنَ رُوحًا فدَلَّ هَذا عَلَى أنَّ مَن عَمِل بِه فهُوَ حَي فالآية أعمُّ مما قاله المُفَسِّر، وَإِن كَان سياقُها يقْتَضِي أنَّ المرادَ بِها بالأَوْلى الحياةُ الحسِّيَّةُ.
قوْله تَعالَى: ﴿وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾: بِما أنْزَل الله علَيْها مِن المَطَرِ، ولَا أحَدَ يسْتَطِيعُ أنْ يفْعَل ذَلِك إِلَّا الله ﷿، هَذِهِ الأرْضُ الهامِدَةُ اليَابسَةُ التي ليْس فِيها خُضْرَةٌ يُنزِلُ الله عليْها الماءَ فتُصْبح الأرْضُ مخضَرَّةً بأمْرِ الله تَعَالى، ولَوِ اجْتَمعَ الخلائِقُ كلُّهُم عَلَى أنْ يفْعَلُوا ذَلِك لمَا استْطَاعُوا، ولَنْ يُخْرِجُوا ولَا أدْنى حشِيشَةٍ مِن هَذهِ الحشائِشِ، ولكِنَّ الله تَعالَى بقُدْرَته يفْعَلُ ذَلِكَ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: بعْضُ الحشراتِ تتوَلَّدُ وتَخْرُجُ مِنْ طَعامٍ أوْ غيرِه، ونُوَاةُ التَّمر يخْرُج منْهَا نبَاتٌ؟
قُلْنَا: هَذِهِ حياةٌ بِلا إِدْراكٍ، والمتَوَلِّدُ واضِحٌ أيضًا أنَّه حَيٌّ مِن ميِّتٍ؛ لأَنَّ المتَولِّد يخْرُج مِن العفونات والقاذورات وهو حيٌّ يتحرك.
قوْله تَعالَى: ﴿وَكَذَلِكَ﴾: الكافُ اسْم بمَعْنى مثْل، يعْنِي ومثْلُ ذَلِك الإخراج تخْرُجونَ، فتكونُ مفعُولًا مطْلَقًا، ويجوزُ أنْ تكُونَ هُنا حرْفَ جَرٍّ، و(إذَا) اسْمُ إِشارَةٍ مبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في محَلِّ جرٍّ، يعْنِي وكَهذا الإخراجِ تخْرُجونَ، ولَا تكُونُ مفعولًا مُطْلَقًا.
وقوْلهُ ﵀: [تَخْرُجُونَ مِنَ القُبُورِ]: ظاهِرُ الآيات الكَريمَاتِ أنَّ خُروجَ النّاسِ مِنَ القُبورِ يُشْبِهُ خُروجَ النّباتِ مِنَ الأرْضِ، وخُروجُ النّباتِ مِنَ الأرْضِ
1 / 96