29

Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum

تفسير العثيمين: الروم

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

الآية (٧) قَالَ اللهُ ﷿: ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾ [الروم: ٧]. قال المُفَسِّر ﵀: ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ أَيْ مَعَايِشهَا مِنْ التّجَارَة وَالزّرَاعَة وَالبنَاء وَالغرْس وَغَيْر ذَلِك ﴿وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾ إعَادَة هُمْ تأكيد] اهـ. قوْله تَعالَى: ﴿يَعْلَمُونَ﴾ خَبَرٌ ثانٍ لـ (لكنَّ)، والخبَر الأوَّلُ ﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾، وقِيل أنَّه بدَلٌ مِنْ قوْلِه تَعالَى: ﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾، ورُدَّ هَذا القوْلُ لأَنَّهُ لا يُبْدَلُ المثبَتُ مِن المنَفِيِّ للتَّضادِ، فَكيْفَ تُبْدِلُ شيْئَا مثبَتًا مِن شيْءٍ مضَادٍّ لَه، وعَلى هَذا فَإِنَّ ﴿يَعْلَمُونَ﴾ الثّانيَةَ خبَر ثانٍ لـ (لكنَّ)، وتعَدُّد الخبَر جائِزٌ. قوْله تَعالَى: ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ سبحانَ الله العظيمِ! أثْبَت لَهُمُ العلْمَ لكِنَّهُ علْمٌ قاصِرٌ مِن وجْهَيْنِ: الوَجْهُ الأوَّلُ: أنَّهم إِنّما يعلَمُونَ ظاهِرًا مِن الحياةِ الدّنْيا، لَا باطِنًا، وكَمْ مِنَ الأمورِ الخفِيَّةِ في هَذِهِ الحيَاةِ لا يعْلَمُها أُولئكَ الكفَّارُ، فالكفَّارُ لا يعْلَمُونَ كُلَّ خفِيٍّ في هَذِهِ الدّنيا، والدّليلُ عَلَى هَذا تطوُّرُ الصّنائعِ والمختَرعاتِ لأَنَّ هَذا التّطوُّرَ بالنّسبَةِ للسَّابِقينَ غيْرُ معلومٍ، ثمَّ سيَأْتِي تطوُّر آخَرُ يكونُ بالنّسبَةِ للمَوْجُودِينَ غيرَ معلومٍ.

1 / 35