22

Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum

تفسير العثيمين: الروم

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

عَلَى كمالٍ بانفِرادِه، ثمَّ باجْتماعِ الاسْمَيْن بعضِهما إِلَى بَعْضٍ يدُلَّان عَلَى كَمَالٍ مرَكَّبٍ، فالعزِيزُ يدُلُّ عَلَى الكَمالِ، والرّحِيمُ يدُلُّ عَلَى الكمَالِ فإِذا اجْتَمعَا أُخِذ مِن ذَلِك كَمالٌ آخَرُ فوْقَ الكمَالِ الَّذي يتضمَّنُه كُلّ اسْمٍ عَلَى انفرَادِهِ، وهُو أنْ تَكُونَ عِزَّتُه مقرونَةً بالرّحْمَةِ؛ لأَنَّ عِزَّةَ غيرِه قَدْ تكُونُ خاليَة مِنَ الرّحْمَةِ، فَإِذا صَار عزِيزًا أخَذ الَّذي هُو ظاهِر علَيْه أخْذَ عزِيزٍ مُقتَدِرٍ ولم يرْحَمْه، بِخَلافِ عِزَّة الله فَهِي مقرونَة بالرّحْمَةِ، وهِيَ أيضًا مقرونَةٌ بالحكْمَةِ. مثالُ ذَلِك: لَوْ أنَّ رجُلًا غلَب عَلَى قوْمٍ وصَار عزِيزًا وهُمْ أَذِلَّاءُ فإِنَّ هَذا الرّجُلَ قدْ تأخُذُه العزَّةُ بالإثْمِ، فيَبْطِشُ بِهم ولَا يرحمُهُم، لكِنَّ عِزَّةَ الله ﷿ ليْسَتْ كَذَلِكَ، بِل أنَّها مقرونَةٌ بالرّحْمَةِ كَما أنَّها مقرونَةٌ بالحكْمَةِ؛ وَلِهَذا دَائِمًا يَقْرِنُ الله العزَّةَ بالحكْمَةِ. لَوْ قَالَ قَائِلٌ: كلُّ اسْمٍ مِنْ أَسْماءِ الله ﷿ يتضمَّنُ صِفة، فهَلْ كُل صِفَةٍ يُشتَقُّ منْهَا اسْمٌ؟ فالجوابُ: لَا يجُوزُ، فمثلًا المشِيئةُ لَا نقُولُ إِنَّ مِن أسْمَاءِ الله: (الشّائي)، أَو المرِيد أو المتكَلِّم، فلَا نقُولُ أنَّ هَذه من أسْمَاءِ الله، فالصّفَاتُ أوْسَعُ بِلا شَكٍّ، فيُخْبَر عَنِ الله بأشْيَاءَ ولَا يُسَمَّى بِها، ولكِنْ لَا يُخْبَرُ عنْهُ بصِفَةٍ إلا حيْثُ ورَدَتْ، فلَيْس كُلُّ صِفَةٍ يجُوزُ أن يُخْبَر بِها عَنِ الله، فَلا يجوزُ أنْ نُسمِّيَ الله مَثَلا بالحزِين، ولا نُسَمِّيه بالعاشِقِ، ولا نُسَمّيه بالهمَّام، ومَا أشْبَه ذَلِك، فالصّفَاتُ تَكُون توقِيفيَّةً، لا نَخْتَرعُ مِن أنفُسِنا صِفَةً لَهُ، لكِن الصّفاتِ أوْسَعُ مِن الأسْماءِ. لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل (المنْعِم) مِنْ أسماءِ الله ﷿؟

1 / 28