أنْ تكُونَ جمْلَةً، بخِلافِ خَبَرِ المُبتَدأ، فإِنَّهُ يكُونُ مُفْردًا.
إذَنْ: عنْدَما نُقدِّر المتعلِّقَ للجَارِّ والمَجْرورِ الوَاقِعِ صلَةًّ نُقدِّرُه فِعْلًا؛ ليَكُون ذَلِك جمْلَة، وعنْدَما نُقدّر متعلِّقَ الجارِّ والمجْرورِ أو الظّرفِ بالمُبتدَأِ نُقدِّرُه اسمًا.
قوْله تَعالَى: ﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ﴾: أيْ مَنِ استَقرَّ في السّموَاتِ وَالأرْضِ، مَن فِي السّمواتِ مِنَ الملائِكةِ، ومَن في الأرْض مِنَ البَشرِ والحيَوانِ، وهُنا قَال: ﴿مَنْ﴾ تغْلِيبًا للعاقِلِ، وَإِلَّا فإِنَّ الأرْضَ فِيها العاقِلُ وغيرُ العاقِل.
قوْله تَعالَى: ﴿مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾؛ قالَ المُفَسِّر ﵀: [مُلْكًا وخَلْقًا وعَبِيدًا].
كَان الأَوْلى أنْ يُقَدِّم الخَلْق ثمَّ المُلْك ثمَّ العَبِيدَ، فلَهُ مَن فِي السَّمواتِ هُو الَّذي يمْلِكُهم ﷾، وهُوَ الَّذي خلَقَهم، وهُوَ رَبُّهم وهُم عَبِيدُه، فلَهُ مَن فِي السَّمواتِ وَالأرْضِ وَلا أحدَ يُعارِضُ في ذَلِك، كُلُّ مَن فِي السَّموَاتِ وَالأرْضِ كَما قالَ الله تَعالَى: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم: ٩٣].
قالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾ مُطِيعُونَ]، ﴿كُلٌّ﴾ مبتَدَأٌ، و﴿قَانِتُونَ﴾ خَبَرُه، والجارُّ والمجْرورُ ﴿لَهُ﴾ متعلِّقٌ بِـ ﴿قَانِتُونَ﴾، لكِنَّهُ قُدِّم علَيْه للاخْتِصاصِ والحصْر.
وقوْلُه تَعالَى: ﴿كُلٌّ﴾ التَّنْوِينُ عِوَضٌ عن مفَردٍ، وكلَّما جاءَتْ ﴿كُلّ﴾ أوْ (بعْضُ) منوَّنَةً فإِنَّها عوَض عْن مُفْرَدٍ، والتّقْدِيرُ: كُلُّ مَنْ فِي السَّموَاتِ وَالأرْضِ.
وقوْلُه تَعالَى: ﴿لَهُ قَانِتُونَ﴾، يقُولُ المُفَسِّر ﵀: [مُطِيعُون]، والطَّاعة هُنا طاعَةٌ وخُضوعٌ للأَمْرِ الكَوْنيِّ، وهَذا شامِلٌ للمُؤْمِن وغَيْرِ المُؤْمِن، والثّاني طاعَةٌ