13

Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum

تفسير العثيمين: الروم

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

فهذهِ خمْسُ سنَواتٍ، يَعْني الثّلاثُ غيْرُ داخِلَةٍ، لأَنَّ مَا بَيْن الشّيءِ والشّيْءِ لَا يدْخُلُ فِيه الجانِبَانِ. قولُه ﵀: [فالتقى الجيْشَانِ فِي السّنَةِ السّابِعَةِ مِن الالتقَاء الأوَّل وغَلَبَتِ الرّوم فَارِس]: يعْنِي حَصَل بَيْنَهُما حَرْب أُخْرَى فغَلبَتِ الرّوم فارِسَ، فصَدَق بذَلِك خَبَرُ الله ﷾ بأنَّهُمْ سيَغْلِبُونَ في بِضْع سِنينَ؛ لأَنَّ الأمْر لم يتَجَاوَزْ سبْعَ سَنَواتٍ حتَّى كانَتِ الغلبَةُ لِلرُّومِ عَلَى الفرْسِ، فَصدَقَ الله وَعْدَهُ. قوْله تَعالَى: ﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ المعْنَى أنَّ الغلَبَةَ تتِمُّ في خِلَالِ بِضْع سِنِينَ، ولَيْس المعْنَى أنَّ الغلبَةَ تحْصُل بعْدَ سَبعْ سَنوَاتٍ. قوْله تَعالَى: ﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ﴾: هَذِهِ الجملة اسميَّة قُدِّم فِيها الخبَرُ لإفَادَةِ الاخْتِصَاصِ للهِ وحْدَه، و(أل) هُنَا للاسْتِغْرَاقِ، يَعْني كُلُّ الأمْرِ، أيْ لاسْتِغرَاق الجنْس، و(أل) التي للاسْتِغْراقِ هِي التي يحِلُّ محلَّها (كُلُّ) فَإِنْ كانَتْ لاسْتِغْراقِ المعْنَى فَهِي لاسْتِغْراقِ المعْنَى، وإِنْ كَانَت لاسْتِغْراقِ الأفْرادِ فَهِي لاسْتِغْراقِ الجِنْس، فَفِي قوْلِه تَعالَى: ﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: ٢٨]، (أل) لاسْتِغراق الجِنْس؛ لأَنَّهُ يَصِحُّ أنْ يَحِلَّ محلَّها (كُلُّ)، فيُقَالُ: وَخُلِق كُلُّ إِنْسَانٍ ضَعيفًا، وَفي قوْلِه تَعالَى: ﴿وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ [العصر: ١ - ٢]، هَذِهِ أيضًا لاسْتِغْراقِ الجِنْس، أيْ كُلُّ إنسانٍ، وإِنْ كانَت لاسْتِغْراقِ المعْنَى فَهِي لاسْتِغْراقِ المعْنَى، ومثَّلوا لِذَلِكَ بقَوْلهِم: (زيدٌ نِعْم الرّجُلُ)، أَي: نِعْم الشّخْصُ الجامِعُ لِصِفَات الرّجُولَةِ. وَهِلِ المرَادُ بالأمْر هُنا الأمْرُ الكوْنِيُّ أو الأمْرُ الشّرْعِيُّ؟ والجوابُ: الأمْرُ الكوْنِيُّ، أَي أنَّ جَمِيعَ الأمورِ تَرْجِعُ إِلَى الله ﷿، المتعَلِّقَة

1 / 19