80

Tafsir al-Uthaymeen: An-Nur

تفسير العثيمين: النور

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

وقُلْنا: إنَّه يتعاظَم بحسَب حال المقْذُوف المتكَلَّم فيه، وكَذلِك إِذَا لم يكن الكَلام قذفًا يَكُون أعظم بحسَب حال القَوْل، ولهَذَا يَقُول الله ﷿: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ [العنكبوت: ٦٨]، فأعظم الكَذِب: الكَذِب على الله ثم على رسوله ﷺ، وهَكَذا يتعاظم الكَذِب بحسب من نمى إلَيْه الكَلام. مِنْ فَوَائِدِ الآيَة الْكرِيمَةِ: الفَائِدةُ الأُولَى: أن قلوبَهم لم تستقرّ بهَذَا القَوْل، ولم تطمئِنَّ به، بل هي أقوالٌ بالألسُن، لقَوْلهُ: ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ﴾. الفَائِدة الثَّانية: التَّحذِير من القَوْل على الله بلا علمٍ؛ لقَوْلهُ: ﴿وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ﴾. الفَائِدة الثَّالِثَة: التَّحذِير من صغائر الذُّنوب، لقَوْلهُ: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا﴾ ولهَذَا قَالَ أنس ﵁: "إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعْرِ إِنْ كُنَّا لَنَعُدَّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيّ ﷺ مِنَ المُوبِقَاتِ" (^١). الفَائِدة الرَّابِعَة: أن الْإِنْسَان يحافظ على ما يقول في غيرِه مما يقْدَح فيه، وإن كَانَ هو لا يعتَقِده، بل هَذَا يَكُون أَشَدَّ؛ أي: أن يجمع الْاِنْسَان بين أن يقولَ شيئًا يعتقد أنَّه كذب وأيضًا يسيء إلى غيره. الفَائِدة الخَامِسَة: تحْرِيم القَوْلِ على الله بلا علمٍ، كما لقَوْلهُ: ﴿وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ﴾ وهَذَا يشمل الفتوى والحُكْم والشَّهادة والأَخْبار الشَّائعة،

(^١) أخرجه البُخاريّ، كتاب الرقاق، باب ما يتقى من محقرات الذنوب، حديث رقم (٦٤٩٢)، عن أنس ﵁.

1 / 85