قَالَ المُفَسِّر ﵀: [قَالَتْ عَائِشَة ﵂: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي غَزْوَةٍ بَعْدَ مَا أُنزِل الحِجَابُ". اهـ.
وهَذِهِ الغزوة تسمى غزوةَ المُرَيْسِيعِ أو غزوة بَنِي المُصْطَلِقِ، ولم يبين المُفَسِّر ﵀ متى كَانَت هَذِهِ الغزوةُ، لكنَّه يتبَيَّن لنا متى كَانَت من قولها: بعد ما أُنزل الحجابُ، والحجابُ نزل سنةَ ستٍّ من الِهجْرَة، وعلى هَذَا فتكون هَذِهِ الغزوة في آخر السَّنَةِ السَّادِسَة، أو في السَّابِعَة.
وأمَّا قَوْل بعض المؤرخين إنَّها في الخَامِسَة أو في الرَّابِعَة فهَذَا وَهْمٌ منهم، والصَّحيح أنَّها كَانَت في آخر السَّادِسَة؛ لأنَّها صرحت بأنَّها بعد ما أُنزل الحجاب، وأيضًا النَّبيُّ ﵊ استشار زينب في شأنها، وآية الحجاب نزلت عند زواج النَّبِيِّ ﷺ بزينب.
ثم يَقُول المُفَسِّر ﵀ في سِيَاق القصَّة: [فَفَرَغَ مِنْهَا وَرَجَعَ وَدَنَا مِنَ المَدَينَةِ وَآذَنَ بِالرَّحِيلِ لَيْلَةً، فَمَشَيْتُ وَقَضَيْتُ شَأْنِي، وَأَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ، فَإِذَا عِقْدِي انْقَطَعَ -هُوَ بِكَسْرِ المُهْمَلَةِ: الْقِلَادَةُ- فَرَجَعْتُ ألتَمِسُهُ، وَحَمَلُوا هَوْدَجِي -هُوَ مَا تَرْكَبُ فِيهِ- عَلَى بَعِيري يَحْسَبُونَنِي فِيهِ، وَكَانَتِ النِّسَاءُ خِفَافًا إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ -هُوَ بِضَمِّ المُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّام- مِنَ الطَّعَامِ؛ أَيِ: الْقَلِيلِ]. اهـ.
تحدثتْ عَائِشَة ﵂ عن قصَّة الإفْكِ، تقول: إنَّها لما رجعَ النَّبِيُّ ﷺ من هَذِه الغزوة في ليلة من الليالي أذنَ بالرحيلِ، فذهبَتْ تقضي حاجَتَها، كشَأْنِ الْإِنْسَان إِذَا أَرَادَ أن يركبَ أو أَرَادَ أن ينامَ أو ما أشبه ذَلِك، ذهبتْ تقضي حاجَتَها؛ أي تبولُ أو تَتَغَوَّطُ، فلمَّا رجعتْ إِذَا بالعِقْد قد انقطعَ، فرجعتْ تَلْتَمِسُه، وقد ذكر المؤرِّخون