243

Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-Māʾida

تفسير العثيمين: المائدة

Publisher

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Edition

الثانية

Publication Year

١٤٣٥ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

لكن لو قال قائل: ذكرتم أن ضابط حرف الجر الزائد أنه إذا حذف استقام الكلام، وأحيانًا يحذف حرف الجر ويستقيم الكلام وحرف الجر ليس بزائد، كما في قوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا﴾ [البقرة: ١٠٦] وكما في قوله تعالى: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ﴾ [الأحقاف: ٣١]؟
الجواب: "مِن" في قوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ﴾ ليست زائدة بل "من" بيان لى"ما"؛ لأن "ما" اسم شرط، وأسماء الشرط كلها مبهمة، فجاءت "مِن" للبيان، قال ابن مالك ﵀:
وزيد في نفي وشبهه فجر ... نكرة كما لباغ من مفر
وقوله: ﴿مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ﴾ "من بشير": يبشر بالخير، "ولا نذير": يخوف من الشر.
وقوله: ﴿فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ﴾ يعني: فالآن لا حجة لكم قد جاءكم بشير ونذير، وهو رسول الله محمد ﷺ.
قوله: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ ختم الله ﷿ هذه الآية بالقدرة، إشارة إلى أنه ﵎ قادرٌ على أن يبعث الرسل وعلى أن لا يبعث الرسل وأن الأمر كله بيده ﵎.
من فوائد الآية الكريمة:
الفائدة الأولى: أنه ينبغي أن ينادى المخاطب بالوصف الذي يقتضي أن يقوم بما وُجِّه إليه لقوله: ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ﴾ وهذا موجود في اللغة العربية، فإذا كنت تخاطب مؤمنًا تقول: يا أيها المؤمن، وإذا كنت تخاطب رجلًا تقول: يا أيها الرجل، كأنك تذكر له ما كان ينبغي من أجله أن يستمع إليك ويمتثل ما توجهه

1 / 247