174

Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-Māʾida

تفسير العثيمين: المائدة

Publisher

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٣٥ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

مقتضاها الإحاطة بالخلق علمًا وقدرة وسلطانًا وتدبيرًا وملكًا وغير ذلك، ومن هذا قوله تعالى: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ [الحديد: ٤]، وقوله: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُو﴾ [المجادلة: ٧]، والمعية الخاصة إما مقيدة بوصف كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)﴾ [النحل: ١٢٨]، لكن هذه تقتضي مع الإحاطة العامة تقتضي النصر والتأييد والدفاع، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الحج: ٣٨]، وإما مقيدة بشخص، مثل قوله تعالى لموسى وهارون: ﴿لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه: ٤٦]، ومثل قول النبي ﷺ فيما حكاه الله عنه لصاحبه أبي بكر ﵁: ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة: ٤٠].
هذه المعية، هل هي حقيقة أو هي مجاز عن العلم والإحاطة والنصرة والتأييد وما أشبه ذلك؟
الجواب: الأول كسائر الصفات، أنها حقيقة وأنها تقتضي في كل موضع ما يناسبها.
لكن إذا قلنا: إنها حقيقة، هل تنافي ما ذُكر من علو الله جلَّ وعلا؟
الجواب: لا، أبدًا، بل هو معنا ﷾ وهو على عرشه، وليس معنى قوله ﴿مَعَنَا﴾، أنه في الأرض، كلا، قال تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ [الزمر: ٦٧]، ومن كان هذا شأنه كيف يمكن أن يتصور عاقل فضلًا عن مؤمن أن يكون معنا

1 / 178