111

Tafsir al-Uthaymeen: Al-Imran

تفسير العثيمين: آل عمران

Publisher

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٣٥ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

وقال: "عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا" (^١). والصديقية مرتبة تلي مرتبة النبوة، فهي في المرتبة الثانية ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ﴾ [النساء: ٦٩]. وأما صدق الفعل: فهو أن لا يظهر خلاف الباطن، فمن يظهر لك المودة وقلبه يبغضك، أو يظهر أنه مؤمن ويصلي ويتصدق ويحضر مجالس العلم، لكن قلبه منطوٍ على الكفر -والعياذ بالله- فهذا كاذب كذبًا فعليًا، حيث أظهر خلاف ما يبطن. فالأول كاذب مع عباد الله. والثاني كاذب مع الله. والحاصل: أنَّ الصدق خُلُق عظيم، لا يناله إلا من وفَّقه الله ممن أنعم الله عليهم، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا. وقوله تعالى: ﴿وَالْقَانِتِينَ﴾: القانتون: اسم فاعل من القنوت، والقنوت يطلق على عدة معان، وأنسبها لهذه الآية أن المراد بالقنوت: دوام الطاعة مع الخشوع والخضوع لله ﷿، بحيث يكون الإنسان مديمًا

(^١) أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ وما ينهى عن الكذب، رقم (٦٠٩٤). ومسلم، كتاب البر والصلة، باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله، رقم (٢٦٠٧).

1 / 113