224

Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-Furqān

تفسير العثيمين: الفرقان

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

الآية (٥٦)
* * *
* قالَ اللَّه ﷿: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ [الفرقان: ٥٦].
* * *
لمَّا عاب عَلَى هَؤُلَاءِ ما يَتَعَلَّق بتحقيقِ التَّوحِيدِ، وَهُو عبادةُ غير اللَّهِ، انتقلَ بعد ذلكَ إِلَى تحقيقِ الرِّسَالةِ، لِأَنَّ الإسلامَ شهادةُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللَّهُ، وأن مُحَمَّدًا رسولُ اللَّهِ، فتحقيقُ العِبَادَةِ أتى بلومِهِم عَلَى عبادةِ غيرِ اللَّهِ، ثم جاء تحقيقُ الرِّسَالةِ؛ قالَ ﵀: [﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا﴾ بالجنَّة ﴿وَنَذِيرًا﴾ مخوِّفًا مِنَ النارِ].
قوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا﴾ (إلَّا) للاستثناءِ لِأَعَمّ الأحوالِ، يَعْنِي ما حالُك فِي الرِّسَالة إِلَّا هذينِ الأمرينِ، وهما البِشارة والإنذار، والبشارة للمؤمنينَ بالجنةِ، والدليل عَلَى هَذَا قوله ﷾: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا﴾ [الأحزاب: ٤٧]، وَقَالَ ﷾ فِي سورة الكَهْفِ: ﴿لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (٢) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (٣) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (٤) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ﴾ [الكهف: ٢ - ٥]، وقد سبقَ أنَّ النذيرَ بمعنى المخبِر بما يُخَوِّف، إذَن وصف الرَّسولِ ﵊ بالنسبةِ لَمِا يتعلق بالرِّسَالةِ هذانِ الأمرانِ فقطْ.
إِذَا قَالَ قَائِلٌ: أليسَ الرَّسولُ ﵊ معلِّمًا يُعَلِّمُ النَّاسَ الأحكامَ، كيف يَكُون هَذَا الاستثناء من أعمِّ الأحوالِ؛ لأننا قُلْنَا: إن هَذَا مُسْتَثْنًى من أعمِّ الأحوالِ،

1 / 229