135

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Furqan

تفسير العثيمين: الفرقان

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

ابنَه ﴿فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي﴾ [هود: ٤٥]، فقال اللَّه له: إِنَّهُ ليس مِن أهلِك؛ لِأَنَّهُ كافر وأنتَ مؤمِنٌ. وَقَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ﴾ بعدَهم ﴿آيَةً﴾ عِبرةً ﴿وَأَعْتَدْنَا﴾ في الآخِرة ﴿لِلظَّالِمِينَ﴾ الكافرينَ ﴿عَذَابًا أَلِيمًا﴾]. يقول المُفَسِّر ﵀: [﴿أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ﴾ بعدهم ﴿آيَةً﴾ عِبرة]، كيف كانوا عبرةً؛ لِأَنَّ الآية لا بدَّ أن تكون معلومة، فكيف كان ذلك؟ عن طَريق الخبرِ، سواء كان عن طَريق الوحي أو عن طَريقِ النقلِ بين النَّاسِ، وأيضًا الفُلْك أوَّل مَن صَنَعها نوح، فبَقِيَتْ آيةً إلى يومِنا هذا، ولكنَّها تطوَّرت بحسَب الزمن، كما في قوله تَعَالَى: ﴿وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (١٣) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (١٤) وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [القمر: ١٣ - ١٥]. قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿وَأَعْتَدْنَا﴾ في الآخِرة ﴿لِلظَّالِمِينَ﴾ الكافرين ﴿عَذَابًا أَلِيمًا﴾]، قوله: ﴿لِلظَّالِمِينَ﴾ هَذَا إظهارٌ في موضِع الإضمارِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى السياق أن يقول: وأَعْتَدْنَا لهم، كما قال اللَّه ﷾: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا﴾ [نوح: ٢٥]، ولكن الإظهارُ هنا له فائدةٌ، بل فوائدُ، نَعُدُّها: الأُولى: إرادة الشمول والعموم؛ لِيَشْمَلهم هم وغيرهم، حتى الظالمون من قريشٍ يدخلون في هذا؛ لِأَنَّهُ إذا قال: (وأَعتدنا لهم عذابًا أليمًا) صار العذابُ الأليمُ لهم فقطْ، لكِن لمَّا قال: ﴿لِلظَّالِمِينَ﴾ صار لهم ولغيرِهم. والثَّانية: تسجيل هَذَا الوَصْف عليهم، وهو الظُّلم؛ لِأَنَّهُ وصفهم بأَنَّهُمْ ظالمون.

1 / 140