51

Tafsir al-Uthaymeen: Al-Fatihah and Al-Baqarah

تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة

Publisher

دار ابن الجوزي

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٣ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

هُدىً لِلنَّاسِ) (البقرة: الآية ١٨٥) فجعل هداية القرآن في الآية الأولى خاصة بالمتقين، وفي الثانية عامة للناس، والجمع بينهما أن الهداية في الأولى هداية التوفيق والانتفاع، والهداية في الثانية هداية التبيين والإِرشاد. ونظير هاتين الآيتين، قوله تعالى في الرسول ﷺ: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) (القصص: الآية ٥٦)، وقوله فيه: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الشورى: الآية ٥٢) فالأولى هداية التوفيق والثانية هداية التبيين. ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ) (آل عمران: الآية ١٨)، وقوله: (وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَاّ اللَّهُ) (آل عمران: الآية ٦٢)، وقوله: (فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ) (الشعراء: ٢١٣) وقوله: (فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ) (هود: الآية ١٠١) ففي الآيتين الأوليين نفي الألوهية عما سوى الله تعالى وفي الأخريين إثبات الألوهية لغيره. والجمع بين ذلك أن الألوهية الخاصة بالله ﷿ هي الألوهية الحق، وأن المثبتة لغيره هي الألوهية الباطلة؛ لقوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (الحج: ٦٢) ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ) (الأعراف: الآية ٢٨) وقوله: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) (الاسراء: ١٦) ففي الآية الأولى نفى أن يأمر الله تعالى بالفحشاء، وظاهر الثانية أن الله تعالى يأمر بما هو فسق.

المقدمة / 53