218

Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-ʿAnkabūt

تفسير العثيمين: العنكبوت

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

الآية (٤٣)
* * *
* قالَ اللَّه ﷿: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٣].
* * *
قَال المُفَسِّر ﵀: [﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ﴾ فِي الْقُرْآنِ، ﴿نَضْرِبُهَا﴾ نجْعَلُها ﴿لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا﴾ أي: يفْهَمُها ﴿إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ المتَدَبِّرُونَ] اهـ.
قوله: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ﴾ أتى بـ (تِلكَ) الدَّالَةُ على البعدِ ولم يقل: هذا المثل، حتى نقولَ عدَلَ بالكلامِ عَن ظاهِرِه أو عن مُقتَضَى سياقِهِ؛ لأن المثلَ المضروبَ قَريبٌ، لكن قال: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ﴾ لأن الأمثالَ الأُخْرَى غيرُ مَثَلِ المتَّخِذِينَ الأصنامَ آلهة بعيدةً بالنِّسْبَةِ لهذا المكان؛ لأنها متَفَرِّقةٌ في القرآنِ، فلهذا جاءت الآية بـ (تلك) الدَّالة على البُعدِ ولم يَقُلْ: هذا المثل، فهو شامِلٌ لكلِّ الأمثال الوارِدَةِ في القرآن.
والأمثالُ الوارِدَةُ في القرآن كثيرةٌ ومتَعَدِّدَةٌ، وقد ألَّفَ فيها بعضُ أهل العلم كُتُبًا مستَقِلَّةً، وأفردها السيوطي في الإتقانِ بفَصلٍ مستَقِلٍّ، وبيَّنَ فوائد الأمثال التي يُضْربَ المثَلُ منْ أجْلِهَا.
والفَائِدةُ الملموسَةُ القريبةُ جدًّا من ضربِ الأمثال هي تقريبُ العُقولِ إلى الأذهان، إذ إن المثل هو ضَرْبُ شيءٍ معقولٍ قد يَبعدُ عن الإنسان تَصَوُّرُهُ بشيءٍ محسوسٍ يَسْهُلُ تصَوُّرُهُ.

1 / 222