تكون في المستقبلِ، فهو فِعلٌ مضارعٌ واقع في جملة قسَميَّة مؤكَّدٌ بالنُّونِ، فيكون للمستقبل.
واللَّه ﵎ يعلمُ ذلك قبلَ أن تَحْصُلَ الفتنةُ، فكيف الجواب عن قوله: ﴿فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ﴾ يدلُّ على أن العِلْمَ لا يكونُ إِلَّا بعدَ الفِتْنةِ؟
قَالَ المُفَسِّر ﵀: [عِلمَ مُشاهَدَةٍ]، وهذا فيه وجهان:
الوجهُ الأَوَّلُ: أن عِلمَ اللَّه تعالى بالأشياءِ يَنقَسمُ إلى قِسْمين:
* علمٌ بأنها ستَقَعُ؛ وهذا علمٌ بما لم يَكُن.
* وعلم بأنها وَقَعَتْ، وهذا علمٌ بما كانَ، وهذا هو الذي يُنَّزلُ عَلَيْهِ مثلُ هذه الآياتِ، مثل قوله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ﴾ [محمد: ٣١]، المراد: عِلْمُ مشاهدةٍ، وأما العِلم بمَنْ سيكون مجاهَدًا فهذا سابِقٌ، ولكنَّهُ عِلمٌ بأنه سيكون.
فمتَعَلَّقِ العلمِ: إما مستَقْبلٌ يعلَمْه اللَّه بأنه سيكونُ، وإما واقعٌ عَلِمَ اللَّه بأنه قد كانَ.
الوجه الثاني: أن العِلمَ ينْقسمُ إلى قسمين:
* عِلم يترتَّبُ عليه جزاءٌ، فعِلمُ اللَّه تعالى بعدَ الوُقوعِ هو عِلمٌ يترتَّبُ عليه الجزاءُ.
* وعِلم لا يتَرَتَّبُ عليه جزاءٌ، فعِلمُ اللَّه ﷿ في الأَزَلِ قبلَ وقوعِ الشَّيءِ عِلمٌ لا يتَرتَّبُ عليه الجزاءُ.
فيكونُ العِلم الذي يجعلُهُ اللَّه تعالى مَرَتَّبًا على الوُقوعِ؛ المرادُ به عِلمُ المُجازاةِ، إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ.