118

Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-Anʿām

تفسير العثيمين: الأنعام

Publisher

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (١٥١)﴾ [النساء: ١٥٠، ١٥١]، وقال تعالى منكرًا على بني إسرائيل: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ [البقرة: ٨٥]، وبَيَّن الله ﷿ أن من كفر برسول واحد فهو كافر بالجميع، فقال: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥)﴾ [الشعراء: ١٠٥] مع أن قوم نوح هم أول من أرسل إليهم رسول فليُنتبه لهذا، فلا يمكن لإنسان أن يُجزِّئ الشريعة فيؤمن ببعضها ويكفر ببعضها؛ لأننا نعلم أن مثل هذا متبع لهواه فقط.
الفائدة السادسة: نفي الفلاح عن الظالم، أي: لا يمكن أن يحصل له مقصوده، بل بالعكس.
فإن قال قائل: ما الجمع بين هذه الآية الكريمة وبين نصوص أخرى يرد فيها مثل هذه العبارة في ذنب آخر غير هذا، وتدل أيضًا على أن هذا الفعل أظلم شيء.
مثل قوله: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ [البقرة: ١١٤]، وقوله في هذه الآية: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾، وقول النبي ﷺ فيما يرويه عن ربه في الحديث القدسي: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي" (^١) في المصورين فكيف نجمع بين هذه النصوص؟
فالجواب من أحد وجهين: إما أن نقول: اشتركت هذه الأشياء في المرتبة العليا من الظلم فكلها في مقام الأظلمية، وإما أن يقال: إن الأظلمية أظلمية نسبية، فمثلًا في هذه الآية ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾، المعنى: أن الذين يفترون على الله الكذب أظلم من الذين يفترون على غيرهم الكذب، فلو افترى

(^١) رواه البخاري، كتاب اللباس، باب: نقض الصور (٥٩٥٣).

1 / 122