حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [المائدة: ١٢] فهذا عَهْدٌ وميثاقٌ.
إذَنْ: إنَّ عهد النَّبيِّين عليهم الصلاة والسلام هي مَسؤُولية عَظيمة وهي تَبليغ الرِّسالة والعمَل والدَّعوة.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: فضيلة هؤلاء الأَنبياءِ الكِرام الخَمْسة: وجهُ الدَّلالة تَخصيصُهم بالذِّكْر، فإن تَخصيص أفراد العامِّ بالذّكْر يَدُلُّ على شرَف ذلك المُخصَّص.
الْفَائِدَةُ الرَّابعَةُ: أنَّ محُمَّدًا ﷺ أفضَلُ هؤلاء الخَمْسةِ، وجهُه: تَقْديمه عليهم ذِكرًا مع أنَّه مُتأخِّر عنهم زمَنًا، وكان مُقْتَضى الحال لَو كانوا مُتَساوِين في الفَضيلة أَنْ يُذْكَروا بحسَب التَّرْتيب الزمَني.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن ترتيب هَؤُلاء في الفضِيلة: مُحَمَّد، ثُمَّ إبْرَاهيمُ، ثُمَّ موسَى، ثُمَّ عيْسَى، لكن تقديمَ الذِّكْر لا شَكَّ دلِيلٌ على العِنَاية والأفضَلية وما أَشبَه ذلك، والظاهِر لي: أنَّه لا يُستَفاد من الآية؛ لأننا لا نَعلَم أن إبراهيمَ أفضَلُ من نُوحٍ إلَّا بدليل خارِجيٍّ؛ صحيح أن محُمَّدًا ﵊ نَعلَم أنَّه أَفضَلُهم، لأنه لو كان المَقصود التَّرتيبَ الذِّكْريَّ لكان هو آخِرَهم، لكن جاء في الآية بعد ذِكْر محُمَّد ﷺ نُوحٌ وإبراهيمُ ومُوسَى وعِيسَى، وهذا تَرتيبٌ زمَنيٌّ فلا يَدُلُّ على الترتيب الفَضليِّ، والأدِلَّة الخارجية واضِحة.
وقدِ اختَلَف العُلَماء ﵏: أَيُّهما أفضَلُ عِيسى أو نُوحٌ؟ بعد اتِّفاقهم على أن مُحَمَّدًا أفضَلُ، ثُمَّ إبراهيمُ، ثُم مُوسى، لكن اختَلَفوا: أيُّهما أفضلُ عِيسى أو نوحٌ؟ .
فقال بعضُهم: إن نوحًا أفضَلُ؛ لأنه أوَّلُ رَسول أَرسَله اللَّه تعالى، ولأنه كابَدَ