Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab

Muhammad ibn Salih al-Uthaymeen d. 1421 AH
68

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab

تفسير العثيمين: الأحزاب

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

قال تعالى: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾ قد يَتوَهَّم الإنسان أن مَن بينَه وبينَهم مُوَالاة لا يُمكِن أن يَنتَفِع بشيءٍ من ماله، فاحتَرَز ﷿ بقوله: ﴿إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا﴾؛ ولهذا أمثِلة كثيرة مِثْل: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٠)﴾ [الحديد: ١٠]. الْفَائِدَةُ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ: أن اللَّوح المَحفوظ قد كُتِبت فيه الأشياءُ مُستقِرَّة لقوله تعالى: ﴿كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا﴾ وهو أَوْلويَّة ذَوِي الأرحام بعضِهم ببعْض، وقد اختَلَف أهل العِلْم ﵏ في الكُتُب التي بأَيْدي الملائِكة هل تُغَيَّر وتُبَدَّل بالزِّيادة والنَّقْص والتَّغيير؟ والصوابُ أن ذلك مُمْكِن، الصحُف التي بأَيْدي المَلائِكة، والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩]، أَصْل الكِتاب عند اللَّه تعالى ليس فيه تَغيير ولا تَبديل، لكن الصُّحُف التي بأَيْدي الملائِكة يُمكِن أن يَقَعَ فيها التَّغيير والتَّبديل. مثال ذلك: رجُل فعَل سَيِّئةً تُكتَب فإذا اسْتَغفر مُحِيَت أو إِنْسان فَعَل حسَنةً كصدَقة مثَلًا، ثُم مَنَّ بها إذا مَنَّ بها تُمْحَى ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى﴾ [البقرة: ٢٦٤] وهذا ما قرَّره شيخُ الإسلام (^١) وغيرُه من المُحقِّقين ﵏ مِن أن ما في أُمِّ الكِتاب ثابِت لا يَتغَيَّر؛ لأنه قد كُتِب فيه استِقرار الأشياء في الأزَل إلى الأَبَد، وأمَّا ما بأَيْدي الملائِكة فهُو الذي يُمكِن أن يَقَع فيه المَحوُ والإثبات.

(^١) انظر: مجموع الفتاوى (١٤/ ٤٩٢).

1 / 73