218

Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-Aḥzāb

تفسير العثيمين: الأحزاب

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: أنَّ فِتْنة النِّسَاء مَرَضٌ في القَلْب، يَحتاج الإنسان فيه إلى مُعَالجَة، وإلى مُداواة؛ لقوله ﷾: ﴿فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾ وهذا المرَضُ مرَضٌ فتَّاك -نَسأَل اللَّهَ تعالى السَّلامةَ منه- مرَضُ في القَلْب كمرَض السرَطان في البدَن، إذا لم يَتدارَكِ اللَّه العبدَ بعَفْوه وتَوفيقه وتَسديده، فإنه يَهلِك؛ ولهذا قال النبيُّ ﷺ: "مَا ترَكْتُ بَعْدِي فِتْنةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ" (^١)، فالواجِب الحذَر من هذا الأمرِ، وألَّا يُمِليَ الإنسان لنَفْسه ويُمهِلها في هذا البابِ.
الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أنَّ مَن كان صحيحَ القَلْب، فإنَه أبعَدُ النَّاس عن مَواضِع الفِتَن، لقوله تعالى: ﴿فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾.
الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: أنَّ مَن جعَل اللَّهُ تعالى قَلْبه صحيحًا، فإن المَرأة لا تُغرِيه بما تَفعَله من أسباب الفِتْنة، لأنه تعالى قال: ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾ ولم يَقُل: لا تَخْضَعْن بالقول فيَطمَع الناس فِيكُنَّ. بل قال تعالى: ﴿فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾ لكن مع ذلك لو كان الإنسان صحيحَ القَلْب سليمًا، ثُمَّ أَحَسَّ في نَفْسه شيئًا من الفِتْنة، فالواجِبُ عليه البُعْد عن ذلك، لا يَقُل: إِني سَليمٌ، إني والحمْد للَّه تعالى لا يُهِمُّني هذا الأمرُ. لا يَقُلْ هكذا، فإن الإنسان قد يَرَى نفسه مُتحَصِّنًا بحِصن التَّقوى، ولكن الشيطان يَخدَعه عند مَواضِع الفِتَن.
ولهذا أمَر النبيُّ ﵊ مَن سَمِعَ بالدَّجَّال أن يَنأَى عنه (^٢) -يَعنِي:

(^١) أخرجه البخاري: كتاب النكاح، باب ما يتقى من شؤم المرأة، رقم (٥٠٩٦)، ومسلم: كتاب الذكر والدعاء، باب أكثر أهل الجنة الفقراء، رقم (٢٧٤٠)، من حديث أسامة بن زيد ﵁.
(^٢) أخرجه الإمام أحمد (٤/ ٤٣١)، وأبو داود: كتاب الملاحم، باب خروج الدجال، رقم (٤٣١٩)، من حديث عمران بن حصين ﵁.

1 / 223