Tafsir al-Tabari Jami' al-Bayan - Tahqiq Hajar

Al-Tabari d. 310 AH
7

Tafsir al-Tabari Jami' al-Bayan - Tahqiq Hajar

تفسير الطبري جامع البيان - ط هجر

Investigator

د عبد الله بن عبد المحسن التركي

Publisher

دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Genres

آيِ كِتَابِهِ، فَضْلَ مَا حَبَاهُمْ بِهِ مِنَ الْبَيَانِ، عَلَى مَنْ فَضَّلَهُمْ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ ذِي الْبَكَمِ وَالْمُسْتَعْجِمِ اللِّسَانِ؛ فَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ [الزخرف: ١٨] . فَقَدْ وَضَحَ إِذَنْ لِذَوِي الْأَفْهَامِ، وَتَبَيَّنَ لِأُولِي الْأَلْبَابِ، أَنَّ فَضْلَ أَهْلِ الْبَيَانِ عَلَى أَهْلِ الْبَكَمِ وَالْمُسْتَعْجِمِ اللِّسَانِ، بِفَضْلِ اقْتِدَارِ هَذَا مِنْ نَفْسِهِ عَلَى إِبَانَةِ مَا أَرَادَ إِبَانَتَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِبَيَانِهِ، وَاسْتِعْجَامِ لِسَانِ هَذَا عَمَّا حَاوَلَ إِبَانَتَهُ بِلِسَانِهِ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ بَايَنَ الْفَاضِلُ الْمَفْضُولَ فِي ذَلِكَ فَصَارَ بِهِ فَاضِلًا، وَالْآخَرُ مَفْضُولًا، هُوَ مَا وَصَفْنَا مِنْ فَضْلِ إِبَانَةِ ذِي الْبَيَانِ، عَمَّا قَصَّرَ عَنْهُ الْمُسْتَعْجِمُ اللِّسَانِ، وَكَانَ ذَلِكَ مُخْتَلِفَ الْأَقْدَارِ، مُتَفَاوِتَ الْغَايَاتِ وَالنِّهَايَاتِ، فَلَا شَكَّ أَنَّ أَعْلَى مَنَازِلِ الْبَيَانِ دَرَجَةً، وَأَسْنَى مَرَاتِبِهِ مَرْتَبَةً، أَبْلَغُهُ فِي حَاجَةِ الْمُبِينِ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَبْيَنُهُ عَنْ مُرَادِ قَائِلِهِ، وَأَقْرَبُهُ مِنْ فَهْمِ سَامِعِهِ. فَإِنْ تَجَاوَزَ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ، وَارْتَفَعَ عَنْ وُسْعِ الْأَنَامِ، وَعَجَزَ عَنْ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ جَمِيعُ الْعِبَادِ؛ كَانَ حُجَّةً وَعَلَمًا لِرُسُلِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، كَمَا كَانَ حُجَّةً وَعَلَمًا لَهَا إِحْيَاءُ الْمَوْتَى وَإِبْرَاءُ الْأَبْرَصِ وَذَوِي الْعَمَى، بِارْتِفَاعِ ذَلِكَ عَنْ مَقَادِيرِ أَعْلَى مَنَازِلِ طِبِّ الْمُتَطَبِّبِينَ، وَأَرْفَعِ مَرَاتِبِ عِلَاجِ الْمُعَالِجِينَ، إِلَى مَا يَعْجِزُ عَنْهُ جَمِيعُ الْعَالَمِينَ. وَكَالَّذِي كَانَ لَهَا حُجَّةً وَعَلَمًا قَطْعُ مَسَافَةِ شَهْرَيْنِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ، بِارْتِفَاعِ ذَلِكَ عَنْ وُسْعِ الْأَنَامِ، وَتَعَذَّرَ مِثْلُهُ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ، وَإِنْ كَانُوا عَلَى قَطْعِ الْقَلِيلِ مِنَ الْمَسَافَةِ قَادِرِينَ، وَلِلْيَسِيرِ مِنْهُ فَاعِلِينَ.

1 / 9