150

Tafsīr al-Ṭabarī Jāmiʿ al-bayān - Ṭ. Hajar

تفسير الطبري جامع البيان - ط هجر

Editor

د عبد الله بن عبد المحسن التركي

Publisher

دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Genres

إِنَّمَا جَازَ أَنْ تَكُونَ لَا بِمَعْنَى الْحَذْفِ، لِأَنَّ الْجَحْدَ قَدْ تَقَدَّمَهَا فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ، فَكَانَ الْكَلَامُ الْآخَرُ مُوَاصِلًا لِلْأَوَّلِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر البسيط]
مَا كَانَ يَرْضَى رَسُولُ اللَّهِ فِعْلَهُمُ ... وَالطَّيِّبَانِ أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ
فَجَازَ ذَلِكَ، إِذْ كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ الْجَحْدُ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا الْقَوْلُ الْآخَرُ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنَ الْأَوَّلِ، إِذْ كَانَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ابْتِدَاءُ الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ جَحْدٍ تَقَدَّمَهُ بِلَا الَّتِي مَعْنَاهَا الْحَذْفُ، وَلَا جَائِزٌ الْعَطْفُ بِهَا عَلَى سِوَى، وَلَا عَلَى حَرْفِ الِاسْتِثْنَاءِ. وَإِنَّمَا لِغَيْرِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَعَانٍ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا الِاسْتِثْنَاءُ، وَالْآخَرُ الْجَحْدُ، وَالثَّالِثُ سِوَى، فَإِذَا ثَبَتَ خَطَأُ لَا أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْإِلْغَاءِ مُبْتَدَأٌ وَفَسَدَ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى غَيْرِ الَّتِي مَعَ ﴿الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] لَوْ كَانَتْ بِمَعْنَى إِلَّا الَّتِي هِيَ اسْتِثْنَاءٌ، وَلَمْ يَجُزْ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَيْهَا لَوْ كَانَتْ بِمَعْنَى سِوَى، وَكَانَتْ لَا مَوْجُودَةً عَطْفًا بِالْوَاوِ الَّتِي هِيَ عَاطِفَةٌ لَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا، صَحَّ وَثَبَتَ أَنْ لَا وَجْهَ لِغَيْرِ الَّتِي مَعَ ﴿الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] يَجُوزُ تَوْجِيهِهَا إِلَيْهِ عَلَى صِحَّةِ إِلَّا بِمَعْنَى الْجَحْدِ وَالنَّفْيِ، وَأَنْ لَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: ٧] إِلَّا الْعَطْفُ عَلَى ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] . فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذًا إِذْ كَانَ صَحِيحًا مَا قُلْنَا بِالَّذِي عَلَيْهِ اسْتَشْهَدْنَا: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: ٦] ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] لَا الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا

1 / 193