وجحدوا بها واستيقنتهآ أنفسهم ظلما وعلوا..
[النمل: 14]. والآيات في الكون كثيرة لو أننا التفتنا إليها لآمنا. فهي ليست محتاجة إلى فكر، بل إن الله تعالى، رحمة بنا جعلها ظاهرة ليدركها الناس، كل الناس. ولكن البعض رغم ذلك يكذب بآيات الله، وهؤلاء هم الذين يريدون أن يتبعوا هوى النفس، والحق سبحانه وتعالى جمع الكافرين والمكذبين بآيات الله في عقاب واحد.. وقال جل جلاله: { أولئك أصحاب النار } [البقرة: 39] والصاحب هو الذي يألف صاحبه، ويحب أن يجلس معه. ويقضي أجمل أوقاته. فكان قوله تعالى: { أصحاب النار } [البقرة: 39]. دليل على عشق النار لهم. فهي تفرح بهم، عندما يدخلونها. كما يفرح الصديق بصديقه. ولا تريد أن تفارقهم أبدا.. ولذلك اقرأ قول الحق سبحانه وتعالى:
يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد
[ق: 30]. وهكذا نرى مدى العشق، بين النار والكافرين. إن النار تصاحبهم في كل مكان، وهي ليست مصاحبة كريهة بالنسبة للنار، ولكنها مصاحبة تحبها النار. فالنار حين تحرق كل كافر وآثم ومنافق تكون سعيدة، لأنها تعاقب الذين كفروا بمنهج الله وكذبوا بآياته في الحياة الدنيا.. وكذلك الحال بالنسبة للجنة، فإن الجنة أيضا تحب مصاحبة كل من آمن بالله وأخلص له العبادة وطبق منهجه.. واقرأ قوله تعالى:
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون
[هود: 23]. أي أن الجنة تصاحب المؤمنين، وتحبهم وتلازمهم، مثلما تصاحب النار الكافرين والمكذبين.. وكما أن النار تكون سعيدة وهي تحرق الكافر. فالجنة تكون سعيدة وهي تمتع المؤمن.. ثم يقول الحق سبحانه وتعالى: { هم فيها خالدون } [البقرة: 39] أي أن العذاب فيها دائم، لا يتغير ولا يفتر، ولا يخفف، بل هو مستمر إلى الأبد.
. واقرأ قوله سبحانه وتعالى:
أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون
[البقرة: 86]. وهكذا نعرف أن الله سبحانه وتعالى قد أنزل المنهج إلى الأرض مع آدم، وأن آدم نزل إلى الأرض ومعه الهدى ليطبق أول منهج للسماء على الأرض. فكأن الله سبحانه وتعالى لم يترك الإنسان لحظة واحدة على الأرض دون أن يعطيه المنهج الذي يبين له طريق الهدى وطريق الضلال، ومع المنهج شرعت التوبة، وشرع قبول التوبة حتى لا ييأس الإنسان، ولا يحس بأنه إذا أخطأ أو نسي أصبح مصيره جهنم. بل يحس أن أبواب السماء مفتوحة له دائما، وإن الله الذي خلقه رحيم به إذا أخطأ فتح له أبواب التوبة وغفر له ذنوبه، حتى يحس كل إنسان برعاية الله سبحانه وتعالى له هو على الأرض من أول بداية الحياة. فالمنهج موجود لمن يريد أن يؤمن، والتوبة قائمة لكل من يخطئ. وحذر الله سبحانه وتعالى آدم وذريته أنه من يطع ويؤمن يعش الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة، ومن يكفر ويكذب، فإن مصيره عذاب أبدي. لقد عرف الله آدم بعدوه إبليس، وطلب منه أن يحذره. فماذا فعل بنو آدم؟ هل استقبلوا منهج الله بالطاعة أم بالمعصية؟ وهل تمسكوا بتعاليم الله، أم تركوها وراء ظهورهم؟
[2.40]
Unknown page