فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين
[ص: 83] وقال:
لأحتنكن ذريته إلا قليلا
[الإسراء: 62] فإبليس هنا رد الأمر على الآمر، لم يعترف بذنبه. ويقول يا رب غلبني ضعفي، وأنت الحق وقولك الحق. ولكنه رد الأمر على الله تعالى وعاند وقال سأفعل كذا وسأفعل كذا، وهذا كفر بالله. إياك أن ترد الأمر على الله سبحانه وتعالى، فإذا كنت لا تصلي، لا تقل وما فائدة الصلاة. وإذا لم تكن تزكي، فلا تقل تشريع الزكاة ظلم للقادرين. وإذا كنت لا تطبق شرع الله، فلا تقل إن هذه الشريعة لم تعد تناسب العصر الحديث، فإنك بذلك تكون قد كفرت والعياذ بالله، ولكن قل يا ربي إن فرض الصلاة حق، وفرض الزكاة حق، وتطبيق الشريعة حق، ولكنني لا أقدر على نفسي، فارحم ضعفي يا رب العالمين. إن فعلت ذلك، تكن عاصيا فقط. إن الفرق بين معصية آدم ومعصية إبليس. أن آدم اعترف بمعصيته وذنبه، ولكن إبليس رد الأمر على الآمر. فيكون آدم قد عصى، وإبليس قد كفر والعياذ بالله. ويقول الحق سبحانه وتعالى: { فتلقى ءادم من ربه كلمات فتاب عليه } [البقرة: 37] هذه الكلمات التي تلقاها آدم أراد العلماء أن يحصروها. ما هذه الكلمات؟ هل هي قول آدم كما جاء في قوله تعالى:
قالا ربنا ظلمنآ أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين
[الأعراف: 23]. هذه الآية الكريمة دلتنا على أن ذنب آدم لم يكن من ذنوب الاستكبار، ولكن من ذنوب الغفلة.. بينما كان ذنب إبليس من ذنوب الاستكبار على أمر الله، ولكن آدم عندما عصى حدث منه انكسار. فقال: يا ربي أمرك بألا أقرب الشجرة حق، ولكني لم أقدر على نفسي. فآدم أقر بحق الله في التشريع. بينما إبليس اعترض على هذا الأمر وقال:
أأسجد لمن خلقت طينا
[الإسراء: 61]. الكلمات التي تلقاها آدم من الله سبحانه وتعالى قد تكون:
ربنا ظلمنآ أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين
[الأعراف: 23] وقد تكون:.. اللهم لا إله إلا أنت سبحانك ربي وبحمدك. إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا فاغفر لي يا خير الغافرين.. أو اقبل توبتي يا خير التوابين.. أو قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله.. المهم أن الله سبحانه وتعالى قد أوحى لآدم بكلمات يتقرب بها إليه سواء كانت هذه الآية الكريمة أو كلمات أخرى. لو نظرنا إلى تعليم الله آدم لكلمات ليتوب عليه، لوجدنا مبدأ مهما في حياة المجتمع، لأن الله سبحانه وتعالى كما قلنا: لو لم يشرع التوبة ولو لم يبشرنا بأنه سيقبلها، لكان الذي يذنب ذنبا واحدا لا يرجع عن المعصية أبدا، وكان العالم كله سيعاني.
Unknown page