جعل لكم الأرض مهدا..
[الزخرف: 10]. والمهد: هو فراش الطفل، ولابد أن يكون مريحا لأن الطفل إذا وجد في الفراش أي شيء يتعبه، فإنه لا يملك الإمكانات التي تجعله يريحه، ولذلك تمهد الأم لطفلها مكان نومه، حتى ينام نوما مريحا. ولكن الذي يمهد الأرض لكل خلقه هو الله سبحانه وتعالى. يجعلها فراشا لعباده. وإذا قرأت قوله تعالى:
هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه..
[الملك: 15]. فإن معنى ذلك أن الحق سبحانه جعل الأرض مطيعة للإنسان، تعطيه كل ما يحتاج إليه. ويأتي الحق سبحانه وتعالى إلى السماء فيقول: " والسماء بناء " والبناء يفيد المتانة والتماسك. أي أن السماء - وهي فوقك - لا نرى شيئا يحملها حتى لا تسقط عليك. إنها سقف متماسك متين.. ويؤكد الحق هذا المعنى بقوله تعالى:
ويمسك السمآء أن تقع على الأرض إلا بإذنه
[الحج: 65]. وفي آية أخرى يقول:
وجعلنا السمآء سقفا محفوظا..
[الأنبياء: 32]. والهدف من هذه الآيات كلها أن نطمئن ونحن نعيش على الأرض أن السماء لن تتساقط علينا لأن الله يحفظها.
إذن: من آيات الحق سبحانه وتعالى في الأرض أنه جعلها فراشا أي: ممهدة ومريحة لحياة الإنسان، وحفظ السماء بقدرته جل جلاله، فهي ثابتة في مكانها، لا تهدد سكان الأرض وتفزعهم، بأنها قد تسقط عليهم، ثم جاء بآية أخرى: { وأنزل من السمآء مآء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم.. } [البقرة: 22]. فكأن الحق سبحانه وتعالى وضع في الأرض وسائل استبقاء الحياة. فلم يترك الإنسان على الأرض دون أن يوفر له وسائل استمرار حياته. فالمطر ينزل من السماء، والسماء هي كل ما علاك فأظلك. فينبت به الزرع والثمر، وهذا رزق لنا، والناس تختلف في مسألة الرزق. والرزق هو ما ينتفع به، وليس هو ما تحصل عليه. فقد تربح مالا وافرا ولكنك لا تنفقه ولا تستفيد منه فلا يكون هذا رزقك ولكنه رزق غيرك، وأنت تظل حارسا عليه، لا تنفق منه قرشا واحدا، حتى توصله إلى صاحبه. والرزق في نظر معظم الناس هو المال، قال عليه الصلاة والسلام:
" يقول ابن آدم: مالي مالي.. وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، ولبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت ".
Unknown page