ليس اليتيم من انتهى أبواه من
هم الحياة وخلفاه ذليلا
إن اليتيم هو الذي تلقى له
أما تخلت أو أبا مشغولا
إن اليتيم يكون منكسرا لأنه فقد والده فأصبح لا نصير له.. فإذا رأينا في المجتمع الإسلامي أن كل يتيم يرعاه - رعاية الأب - كل رجال المجتمع.. فذلك يجعل الأب لا يخشى أن يترك إبنه بعد وفاته.. إذن فرعاية المجتمع لليتيم تضمن أولا حماية حقه، لأنه إذا كان يتيما وله مال فإن الناس كلهم يطمعون في ماله، لأنه لا يقدر أن يحميه.. هذه واحدة.. والثانية أن هذا التكافل يذهب الحقد من المجتمع ويجعل كل إنسان مطمئنا على أولاده.. وقوله سبحانه وتعالى: " والمساكين ".. في الماضي كنا نقول إن المساكين هم الذين لا يملكون شيئا على الإطلاق ليقيموا به حياتهم.. إلى أن نزلت الآية الكريمة في سورة الكهف:
أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر..
[الكهف: 79]. فعرفنا أن المسكين قد يملك.. ولكنه لا يملك ما يكفيه.. وهذا نوع من التكافل الإجتماعي لابد أن يكون موجودا في المجتمع.. حتى يتكافل المجتمع كله.. فأنت إن كنت فقيرا أو مسكينا ويأتيك من رجل غني ما يعينك على حياتك.. فإنك ستتمنى له الخير لأن هذا الخير يصيبك.. ولكن إذا كان هذا الغني لا يعطيك شيئا.. هو يزداد غنى وأنت تزداد فقرا.. تكون النتيجة أن حقدك يزداد عليه.. ويقول الحق سبحانه وتعالى: { وقولوا للناس حسنا } [البقرة: 83].. كلمة حسنا بضم الحاء ترد بمعنى حسن بفتح الحاء.. والحسن هو ما حسنه الشرع.. ذلك أن العلماء اختلفوا: هل الحسن هو ما حسنه الشرع أو ما حسنه العقل؟ نقول: ما حسنه العقل مما لم يرد فيه نص من تحسين الشرع.. لأن العقل قد يختلف في الشيء الواحد.. هذا يعتبره حسنا وهذا يعتبره قبيحا.. والله تبارك وتعالى يقول:
ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن..
[النحل: 125]. هذا هو معنى قوله تعالى: { وقولوا للناس حسنا } [البقرة: 83].. ثم جاء قوله جل جلاله: { وأقيموا الصلاة } [البقرة: 83] وقد تكلمنا عن معنى إقامة الصلاة وما يجعلها مقبولة عند الله. وهناك فرق بين أن تقول صلوا.. وبين أن تقول أقيموا الصلاة.. أقيموا الصلاة معناها صل ولكن صلاة على مستواها الذي يطلب منك.. وإقامة الصلاة كما قلنا هي الركن الذي لا يسقط أبدا عن الإنسان.. ويقول الحق: { وآتوا الزكاة } [البقرة: 83].. بالنسبة للزكاة عندما يقول الله سبحانه: { وذي القربى واليتامى والمساكين } [البقرة: 83].. نقول إن الأقارب واليتامى والمساكين لهم حق في الزكاة ما داموا فقراء.. لنحس جميعا أننا نعيش في بيئة إيمانية متكاملة متكافلة.. يحاول كل منا أن يعاون الآخر.. فالزكاة في الأساس تعطي للفقير ولو لم يكن يتيما أو قريبا.. فإن لكل فقير حقوقا ورعاية.. فإذا كان هناك فقراء أقارب أو يتامى يصبح لهم حقان.. حق القريب وحق الفقير.. وإن كان يتيما فله حق اليتيم وحق الفقير.. بعد أن ذكر الحق سبحانه وتعالى عناصر الميثاق الثمانية.. قال: { ثم توليتم } [البقرة: 83].. تولى يعني أعرض أو لم يطع أو لم يستمع.. يقول الحق سبحانه: { ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون } [البقرة: 83].. هذا هو واقع تاريخ بني إسرائيل.. لأن بعضهم تولى ولم يطع الميثاق وبعضهم أطاع.. إن القرآن لم يشن حملة على اليهود، وإنما شن حملة على المخالفين منهم. ولذلك احترم الواقع وقال: { إلا قليلا } [البقرة: 83].
. وهذا يقال عنه بالنسبة للبشر قانون صيانة الاحتمال.. إن الحق جل جلاله يتكلم بإنصاف الخالق للمخلوق.. لذلك لم يقل { ثم توليتم } [البقرة: 83] بل قال إلا قليلا. " توليتم " يعني أعرضتم، ولكن الله تبارك وتعالى يقول: { ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون } [البقرة: 83] نريد أن نأخذ الدقة الأدائية.. إذا أردنا أن نفسر تولي.. فمعناها أعرض أو رفض الأمر.. ولكن الدقة لو نظرنا للقرآن لوجدنا أنه حين يلتقي المؤمن بالكافر في معركة.. فالله سبحانه وتعالى يقول:
Unknown page