Tafsir al-Quran al-Thari al-Jami'

Muhammad al-Hilal d. Unknown
69

Tafsir al-Quran al-Thari al-Jami'

تفسير القرآن الثري الجامع

Genres

سورة البقرة [٢: ٥٨] ﴿وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾: قبل البدء بتفسير هذه الآية لنعلم أن هذه الآية جاءت في سياق تعداد النعم على بني إسرائيل لقوله تعالى لما افتتح ذكر بني إسرائيل قال تعالى: ﴿يَابَنِى إِسْرَاءِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِىَ الَّتِى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّى فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: ٤٧]. ﴿وَإِذْ﴾: أي: واذكروا؛ إذ قلنا. ﴿وَإِذْ قُلْنَا﴾: أسند القول إليه سبحانه؛ اهتمامًا بهم؛ الخطاب المباشر من اله سبحانه لبني إسرائيل. وفي سورة الأعراف آية (١٦١) قال تعالى: ﴿وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ﴾ ارجع إلى سورة الأعراف: آية (١٦١) لبيان الاختلاف. ﴿ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ﴾: قيل: هي بيت المقدس، أو أريحا، أو غيرها، أمروا بدخولها، بعد التيه. وفي سورة الأعراف آية (١٦١) قال تعالى: ﴿اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ﴾ ارجع إلى سورة الأعراف آية (١٦١) لبيان الاختلاف. ﴿فَكُلُوا مِنْهَا﴾: الفاء؛ هنا، للتعقيب، والسرعة؛ أي: كلوا؛ بمجرد دخولكم، وكأنّ الطعام مهيئ لهم، كما نفعل في حالة إقراء الضيف. ﴿حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا﴾: هذه الآية؛ تدل على أنّ هناك أصناف كثيرة من الطعام، ﴿رَغَدًا﴾: كلوا هنيئًا، لا عناء فيه، وتأخير كلمة ﴿رَغَدًا﴾؛ في هذه الآية بدلًا فكلوا منها رغدًا حيث شئتم؛ لكونها في سياق الدّنيا، بينما في الحديث، عن الجنة، وآدم، قدَّم ﴿رَغَدًا﴾؛ فقال: ﴿وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا﴾ [البقرة: ٣٥]. وفي سورة الأعراف آية (١٦١) حذف رغدًا وقال تعالى: (وكلوا حيث شئتم)؛ ارجع إلى سورة الأعراف آية (١٦١) لبيان الاختلاف. وهذا التأخير، والتقديم في الرغد؛ لكون الجنة والدنيا، لا تتساويان في لذة العيش، فرغد الجنة مقدَّم على رغد الدّنيا. ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾: وادخلوا الباب؛ باب القرية، الّتي ذكرت في مطلع الآية. وفي سورة الأعراف آية (١٦١) قدم (حطة) وقال تعالى: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾؛ ارجع إلى سورة الأعراف آية (١٦١) لبيان الاختلاف. ﴿سُجَّدًا﴾: ولم يقل سجودًا؛ سجدًا: تدل على المبالغة في السجود؛ أي: في منتهى الخضوع، والتواضع، واسجدوا عند الانتهاء، إلى الباب؛ شكرًا لله، وتواضعًا، سجود الشكر، وقدَّم السجود على القول، ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾؛ لأنّ السجود أعظم، وأشرف من الدعاء، (القول)، وأقرب ما يكون العبد من ربه، وهو ساجد. ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾: حطة؛ من الحط، بمعنى: الوضع، والإنزال، وأصله إنزال الشيء، من علو، واستحطه؛ أي: سأله أن يحطه عنه؛ أي: حط، عنا ذنوبنا يا ربنا، واغفر لنا، (ويمثل الاستغفار). ﴿نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾: الغفر، هو الستر، والمغفرة؛ هي ستر الذنب، وأما العفو؛ فهو ترك العقوبة. ﴿لَكُمْ﴾: أي: نغفر لهؤلاء، الّذين قاموا، بما أُمروا به. ﴿خَطَايَاكُمْ﴾: جمع خطيئة جمع كثرة، مقارنة بخطيئاتكم في الأعراف آية (١٦١) (جمع قلة)، والخطايا تشمل كل الذنوب. ﴿نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ﴾: مهما كثرت، أو تنوعت، سواء أكانت في العبادات، أو غيرها، ولم يقل من خطاياكم؛ من: البعضية؛ أي: بعض خطاياكم. ﴿وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾: الواو؛ هنا، تدل على الاهتمام والتأكيد. وفي سورة الأعراف آية (١٦١) قال تعالى: ﴿سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ بدون الواو؛ ارجع إلى سورة الأعراف آية (١٦١) لبيان الاختلاف. وماذا بعد الغفران؛ قيل لهم: ﴿وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾، ولمعرفة معنى الإحسان، ارجع إلى الآية (٨٢) من سورة البقرة، وارجع إلى سورة الأعراف آية (١٦١) للمقارنة والمزيد من البيان.

1 / 65