Tafsīr al-Qurʾān al-Karīm - al-Muqaddam
تفسير القرآن الكريم - المقدم
Genres
تفسير قوله تعالى: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم)
قال تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة:٣٤].
قوله: ﴿وَإِذْ﴾ يعني: واذكر إذ ﴿قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾ أي: سجود تحية بالانحناء.
وقوله: ﴿فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ﴾ وهو أبو الشياطين، وهو من الجن أو أبو الجن، لكنه كان يعبد الله ﷾ مع الملائكة، فشمله الأمر الذي شمل جميع الملائكة؛ لأن هذا الأمر شمل جميع الملائكة، حتى جبريل وإسرافيل لقوله تعالى: ﴿فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ﴾ [الحجر:٣٠] وهذا تأكيد للعموم، فدل على أن جميع الملائكة وجه إليهم هذا الأمر، وإبليس كان يعبد الله ﷾ معهم فمن ثمّ شمله هذا التكليف.
وقوله: (أَبَى) أي: امتنع من السجود (وَاسْتَكْبَرَ) أي: تكبر عنه، السين هنا للمبالغة، وتفسيرها: تكبر عن أن يسجد.
وقوله: (وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) يعني: في علم الله ﵎، أو صار من الكافرين، لكن الأشهر أن يقال: (وكان من الكافرين) يعني: في علم الله ﵎.
وقوله ﷿ هنا: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) هذا الأمر بالسجود كان قبل خلق آدم، بدليل قوله تعالى في سورة الحجر: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر:٢٨] يعني: في المستقبل؛ لأنه لم يكن قد خلق آدم ﵇، فالأمر بالسجود كان قبل خلقه، ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ [الحجر:٢٩].
وفي سورة (ص) قال سبحانه: ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ [الحجر:٧١ - ٧٢].
إذًا: كان أمر الملائكة بالسجود لآدم قبل خلقه.
4 / 15