Tafsir al-Quran al-Azim - Al-Sakhawi
تفسير القرآن العظيم - السخاوي
Investigator
د موسى علي موسى مسعود، د أشرف محمد بن عبد الله القصاص
Publisher
دار النشر للجامعات
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
Genres
نزل إبراهيم بهاجر وإسماعيل بين جبال مكة، وليس هناك بنيان، فسأل الله أن يجعل ذلك المكان بلدا، ثم جاء لزيارة ابنه فرآها قد صارت بلدا فسأل الله - تعالى - أن يجعل ذلك البلد آمنا، وسأل إبراهيم الرزق لمن آمن منهم بالله، فقال - تعالى: ﴿وَمَنْ كَفَرَ﴾ يعني: إني لا أقطع الرزق عن الكافر بسبب كفره، بل أرزق المؤمن، والكافر أمتعه قليلا.
قوله: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ﴾ رفع البنيان سافا فوق ساف (^١) وإذا رفع البنيان بالأساس فارتفع فقد رفعت القواعد. وقيل: يقال: قعد البناء ثبت بالقواعد وهي الأساس والأصل لما فوقه. وقيل: يرفع إبراهيم ما سقط من جدران البيت.
أي: قائلين: ﴿رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنّا﴾ وهذا الفعل في محل النصب على الحال.
وقوله: ﴿رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنّا﴾ إلى آخره، جمل ثلاث بعد القول [حال أي: يرفعانها قائلين] هذا القول. وقوله ﵇: «أنا دعوة إبراهيم» (^٢) حين قال: ﴿رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ ﴿سَفِهَ نَفْسَهُ﴾. أهانها وبخسها؛ كما تقول: سفهت نفس زيد، فحول وصار «سفه زيد نفسا» (١١ /أ) كقولك: تصبب عرق زيد، وتصبب زيد عرقا، ثم اتصل الضمير بالنفس، فصار: سفه نفسه.
﴿وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ﴾ تقديره: وإنه صالح في الآخرة من الصالحين، ولا يجوز أن تعمل الصالحين في قوله: ﴿فِي الْآخِرَةِ﴾؛ لأن اللام في الصالحين موصولة، ومعمول الصلة لا يجوز أن يتقدم على الموصول. كذلك قوله: ﴿وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزّاهِدِينَ﴾ [يوسف: ٢٠].
وأجاز ابن السراج (^٣) أن يعمل فيما تقدم من المجرور وغيره، وجعل الألف واللام غير
(^١) الساف في البناء: كل صف من اللبن يقال: ساف من البناء سافان وثلاثة آسف. وقيل: كل سطر من اللبن والطين في الجدار ساف ومدماك. ينظر: لسان العرب (سوف). (^٢) رواه أحمد في المسند (٤/ ١٢٧)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٦٠٠)، والبيهقي في دلائل النبوة (١/ ٨٣ - ٨٤) قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة رقم (١٥٤٥). (^٣) هو محمد بن السري أبو بكر بن السراج النحوي، أحد العلماء المشهورين باللغة والنحو والأدب، أخذ عن المبرد، وأخذ عنه أبو القاسم الزجاجي والسيرافي والفارسي، وله مصنفات منها: الأصول وغيره -
1 / 87