Tafsīr al-Baghawī – Iḥyāʾ al-Turāth
تفسير البغوي - إحياء التراث
Editor
عبد الرزاق المهدي
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٠ هـ
Publisher Location
بيروت
Genres
أَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَنَا شُعَيْبٌ عَنْ [عَبْدِ اللَّهِ] [١] بْنِ أَبِي حسين [عَنْ] [٢] نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَزَعَمَ أَنِّي لَا أَقْدِرُ أَنْ أُعِيدَهُ كَمَا كَانَ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ لِي وَلَدٌ، فَسُبْحَانِي أَنْ أَتَّخِذَ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا»، قَوْلُهُ تَعَالَى: بَلْ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ: عَبِيدًا وَمُلْكًا [٣]، كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ، قَالَ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَالسُّدِّيُّ: مُطِيعُونَ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَمُقَاتِلٌ: مُقِرُّونَ لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: قَائِمُونَ بِالشَّهَادَةِ، وَأَصْلُ القنوت القيام.
ع «٧٩» قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» .
وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الْآيَةِ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ حُكْمَ الْآيَةِ خَاصٌّ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُوَ رَاجِعٌ إِلَى عُزَيْرٍ وَالْمَسِيحِ وَالْمَلَائِكَةِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ رَاجِعٌ إِلَى أَهْلِ طَاعَتِهِ دُونَ سَائِرِ النَّاسِ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ حُكْمَ الْآيَةِ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْخَلْقِ، لأن لفظ كل يقتضي الْإِحَاطَةَ بِالشَّيْءِ بِحَيْثُ لَا يَشِذُّ مِنْهُ شَيْءٌ، ثُمَّ سَلَكُوا فِي الْكُفَّارِ طَرِيقَيْنِ، فَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَسْجُدُ ظِلَالُهُمْ لِلَّهِ عَلَى كُرْهٍ مِنْهُمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ [الرَّعْدِ: ١٥]، وَقَالَ السُّدِّيُّ: هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، دَلِيلُهُ: وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ [طه: ١١١]، وَقِيلَ: قانِتُونَ: مُذَلَّلُونَ مُسَخَّرُونَ لِمَا خُلِقُوا لَهُ.
[سورة البقرة (٢): الآيات ١١٧ الى ١١٩]
بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْرًا فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (١١٧) وَقالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (١١٨) إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (١١٩)
قوله ﷿: بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، أي: مبدعهما ومنشئهما [٤] مِنْ غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ، وَإِذا قَضى أَمْرًا، أَيْ: قَدَّرَهُ، وَقِيلَ: أحكمه وَأَتْقَنَهُ، وَأَصْلُ الْقَضَاءِ: الْفَرَاغُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِمَنْ مَاتَ: قُضِيَ عَلَيْهِ لِفَرَاغِهِ مِنَ الدُّنْيَا، وَمِنْهُ قَضَاءُ اللَّهِ وَقَدَرُهُ، لِأَنَّهُ فَرَغَ مِنْهُ تقديرا أو تدبيرا، فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ، قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ «كُنْ فَيَكُونَ» بِنَصْبِ النُّونِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ إِلَّا فِي آلِ عِمْرَانَ كُنْ فَيَكُونُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ [آل عمران: ٥٩. ٦٠]، وَفِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ: كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ [الأنعام: ٧٣]، وإنما نصبها لأن
(١) زيادة عن كتب التراجم.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل واستدرك من «ط» .
(٣) في المخطوط «عبدا أو ملكا» . [.....]
(٤) في المطبوع «مبدعها ومنشئها» .
٧٩- ع صحيح. أخرجه مسلم ٧٥٦ والترمذي ٣٨٧ وابن ماجه ١٤٢١ والطيالسي ١٧٧٧ وأحمد (٣/ ٣٠٢ و٣١٤) والحميدي ١٢٧٦ وابن حبان ١٧٥٨ والبغوي ٦٥٩ والبيهقي ٣/ ٨ من طرق من حديث جابر.
- وله شاهد عند أبي داود ١٣٢٥ و١٤٤٩ والنسائي (٥/ ٥٨) وأحمد (٣/ ٤١١ و٤١٢) والدارمي (١/ ٣٣١) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حبشي.
1 / 159