179

Tafsir Ahmed Hateeba

تفسير أحمد حطيبة

Genres

سب النبي ولعنه وقت الغضب يكون صلاة يوم القيامة ومن الأحاديث الكثيرة التي جاءت مخبرة أنه رحمة من رب العالمين: ما رواه أبو داود عن عمرو بن أبي قرة وذكر: أن حذيفة ﵁ كان بالمدائن، فكان يذكر أشياء قالها ﷺ لأناس من أصحابه في الغضب، فينطلق أناس ممن سمع ذلك من حذيفة فيأتون سلمان ﵁ فيذكرون له قول حذيفة، فيقول سلمان: حذيفة أعلم بما يقول. فيرجعون إلى حذيفة فيقولون له: قد ذكرنا قولك إلى سلمان فما صدقك ولا كذبك، فأتى حذيفة سلمان. ومعنى الرواية: أن حذيفة وهو في المدائن يكلم الناس ويقول لهم: إن النبي ﷺ مرة لعن أبا فلان، ومرة قال لفلان كذا، ويذكر أشياء وقعت، فكانوا يذهبون إلى سلمان ويخبرونه بقول حذيفة، فـ سلمان يقول: حذيفة أعلم، لا يقول: صدق، ولا يقول: كذب، فكأن حذيفة غضب لهذا الشيء. فذهب يعاتب سلمان، وسلمان رضي الله ﵎ عنه فقيه، وعالم عظيم، وقد مدحه النبي صلوات الله وسلامه عليه، بقوله: (سلمان منا أهل البيت)، فقد أوتي علمًا من عند رب العالمين. فلما ذهب حذيفة إلى سلمان يعاتبه: لماذا لا تقول لهم إني صادق فيما أقول؟ فقال سلمان: إن رسول الله ﷺ كان يغضب، فيقول في الغضب لأناس من أصحابه، والمعنى: أنه إذا غضب لعله يلعن أناسًا، ولكن هذه اللعنة مشروطة بشرط بينه وبين رب العالمين، فأنت لا تدري هل هذا مستحق للعن أو ليس مستحقًا له. يقول سلمان ﵁: إن النبي ﷺ كان يغضب، فيقول في الغضب لأناس من أصحابه، ويرضى فيقول في الرضا لأناس من أصحابه، أما تنتهي حتى تورث رجالًا حب رجال، ورجالًا بغض رجال! أي: أنت عندما تحدث أن النبي ﷺ شكر أبا فلان أو لعنه فأنت ستجعل الناس يكرهون هذا الإنسان ويكرهون ابنه، فاترك هذا الأمر، ولا تحدث بهذا الشيء. ثم قال رضي الله ﵎ عنه: ولقد علمت أن رسول الله ﷺ خطب فقال: (أيما رجل من أمتي سببته سبة، أو لعنته لعنة في غضبي، فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون، فاجعلها عليهم صلاة يوم القيامة). ثم قال سلمان ﵁: والله لتنتهين أو لأكتبن إلى عمر. أي: ليس كل شيء تسمعه من النبي ﷺ أنه سب فلانًا أو لعن فلانًا تبلغه للناس، فيكرهون الناس على حسب هذا، فلا تبلغ هذه الأشياء، وإذا بلغتها فلا تذكر اسم هذا الإنسان، حتى لا يكره الناس بعضهم بعضًا. وصدق رضي الله ﵎ عنه، وما كذب حذيفة ﵁، فقد كان صاحب سر النبي ﷺ في المنافقين، ولكن أراد سلمان أن لا تتفكك الأمة بهذا الكلام، ولذلك نهاه رضي الله ﵎ عنه، وقال له: سنبعث لـ عمر ونكتب له ﵁، فالغرض بيان أن النبي ﷺ رحمة للعالمين.

15 / 13