127
قوله : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل } يعني بنيانه . ودفعهما إياه بالبناء : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم } .
قال بعضهم : ذكر لنا أن قواعدهما من حراء . قال : وذكر لنا أن البيت بني من خمسة أجبل : من حراء ولبنان وطور سيناء وطور زيتاء والجودى .
قوله : { ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة } أي : عصبة وهي الجماعة { مسلمة لك } ففعل الله ذلك ، فبعث الله محمدا عليه السلام .
قوله : { وأرنا مناسكنا } أي : مذابحنا . قال بعضهم : أراهم مناسكهم وهي الطواف بالبيت ، والسعي بين الصفا والمروة ، والوقوف بعرفات ، والإفاضة منها ، والوقوف بجمع ، والإفاضة منها ، [ ورمي الجمرات ] .
وذكروا عن ابن عباس أن إبراهيم لما أصل المناسك عرض له الشيطان عند المسعى ، فسابقه فسبقه إبراهيم ، ثم ذهب به جبريل إلى جمرة العقبة ، فعرض له الشيطان عندها ، فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ، ثم عرض له عند الجمرة الوسطى ، فرما بسبع حصيات حتى ذهب . . . قال وثم تله للجبين . وعلى إسماعيل قميص أبيض . قال إسماعيل لأبيه : يا أبت : ليس لي ثوب تكفنني فيه غير هذا . فاخلعه حتى تكفنني فيه . فالتفت فإذا هو بكبش أبيض أقرن فذبحه . ثم ذهب به إلى الجمرة القصوى ، فعرض له الشيطان عندها ، فرماه بسبع حصيات حتى ذهب . ثم أتى به منى فقال : هذا مناخ الناس . ثم أتى به جمعا فقال : هذا المشعر الحرام . ثم ذهب به إلى عرفات . قال : فقال : ولم سميت عرفة . قال : قال له : هل عرفت . قال نعم .
وقال الحسن : إن جبريل أرى إبراهيم المناسك كلها ، حتى إذا بلغ عرفات قال : يا إبراهيم : أعرفت ما رأيت من المناسك؟ قال نعم! فلذلك سميت عرفات . فلما كان عند الشجرة ، يعني جمرة العقبة يوم النحر ، ذهب يزور البيت ، فعرض له الشيطان فسد عليه الطريق ، فأمره جبريل أن يرميه بسبع حصيات مثل حصى الخذف ، ففعل . فذهب . ثم عرض له في اليوم الثاني في الجمار كلها ، وفي اليوم الثالث ، وفي اليوم الرابع ، كل ذلك يرميه بأمر جبريل بسبع حصيات .
وقال الحسن : إن جبريل أرى رسول الله A المناسك كلها ، ولكنه أصل عن إبراهيم . وقد كان المسلمون قبل إبراهيم يؤمون نحو الكعبة في صلاتهم .
Page 59