304

قوله : { ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات } يعني أهل الكتاب { ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون } أي لمشركون ، وهو سرف فوق سرف . وإنما يعني بهذا من لم يؤمن منهم .

قوله : { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم } .

ذكروا أن أناسا من عرينة قدموا على النبي المدينة فأسلموا ، فاستوخموا المدينة ، فأمرهم رسول الله A أن يخرجوا في إبل الصدقة فيشربوا من ألبانها [ وأبوالها ] . ففعلوا حتى صحوا فقتلوا راعي رسول الله A وساقوا الإبل وكفروا بعد إسلامهم . فبعث رسول الله A في طلبهم ، فجيء بهم ، فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وسمر أعينهم وتركهم في الحرة حتى ماتوا .

قال بعضهم : إن هذا كان من قبل أن تنزل الحدود . وذكر أبو هريرة أنهم لما جيء بهم فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وسمر أعينهم نزلت هذه الآية : { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } . . . إلى آخر الآية ، فترك سمر الأعين .

وذكروا عن بعضهم أنه قال : تلك حدود أنزلها الله : إذا حارب فأخذ المال وقتل صلب ، وإذا حارب فقتل ولم يأخذ مالا قتل ، وإذا حارب فأخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف ، وإذا حارب فلم يقتل ولم يأخذ مالا نفي .

ذكر الحسن أنه قال : نفي بالسيف . وذكر عنه قال : ذلك إن الوالي يصنع ما شاء ، يعني أنه [ مخير ] . والعامة من فقهائنا على قول الحسن : إلى الولاي يصنع من ذلك ما شاء ، وليس للولي من ذلك شيء .

ومن رأى أن هذا حكم في المسلمين ماض فيأخذها من هذا الموضع { ويسعون في الأرض فسادا } . ذكروا عن عكرمة عن ابن عباس في قوله : { أو ينفوا من الأرض } أي أن يعجزوا فلا يقدر عليهم . وأما قوله : { من خلاف } فإنه تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى . فذلك تفسير قوله : من خلاف .

Page 304