49
قوله : { وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب } أي : شدة العذاب ، وتفسير يسومونكم أي : يذيقونكم سوء العذاب { يذبحون أبنآءكم ويستحيون نسآءكم } فلا يقتلونهن { وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم } أي نعمة من ربكم عظيمة إذ نجاكم منهم .
قوله : { وإذ فرقنا بكم البحر } يعني حين جازوا البحر { فأنجيناكم وأغرقنا ءال فرعون وأنتم تنظرون } يعني أوليهم . وقال بعضهم : وأنتم تنظرون كأنما عهدكم بهم أمس .
قوله : { وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون } أي لأنفسكم . { ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون } أي : لكي تشكروا . يعني التوبة التي جعلها الله لهم ، فقتل بعضهم بعضا فغلظ عليهم في المتاب .
قوله : { وإذ ءاتينا موسى الكتاب والفرقان } الكتاب التوراة ، والفرقان حلالها وحرامها . { لعلكم تهتدون } . يقول : لكي تهتدوا بالكتاب وبالحلال والحرام .
قوله : { وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم } أي : إلى خالقكم { فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم } أي خالقكم { فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم } .
ذكروا أن موسى عليه السلام لما قطع البحر ببني إسرائيل ، وأغرق الله آل فرعون ، قالت بنو إسرائيل لموسى : يا موسى ، ايتنا بكتاب من عند ربنا كما وعدتنا ، وزعمت أنك تأتينا به إلى شهر . فاختار موسى من قومه سبعين رجلا لينطلقوا معه . فلما تجهزوا قال الله لموسى : أخبر قومك أنك لن تأتيهم إلى أربعين ليلة ، وذلك حين أتممت بعشر ، وهي ثلاثون من ذي القعدة وعشر من ذي الحجة . قال الحسن : كانت أربعين من أول؛ يقول : { وواعدنا موسى ثلاثين ليلة } [ الأعراف : 142 ] وبعدها عشرا ، كقوله : { فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة } [ البقرة : 196 ] .
قال الكلبي : فلما خرج موسى بالسبعين أمرهم أن ينتظروا في أسفل الجبل . وصعد موسى الجبل فكلمه ربه ، وكتب له في الألواح . ثم إن بني إسرائيل عدوا عشرين يوما وعشرين ليلة فقالوا : قد أخلفنا موسى الوعد . وجعل لهم السامري العجل { فقالوا هذا إلهكم وإله موسى } [ طه : 88 ] فعبدوه .
قال الكلبي : فبلغنا والله أعلم أن الله قال عند ذلك : يا موسى إن قومك قد عبدوا من بعدك عجلا جسدا له خوار . فرجع موسى إلى قومه ومعه السبعون ، ولم يخبرهم موسى بالذي أحدثت بنو إسرائيل من بعده بالذي قال له ربه . فلما غشي موسى محلة قومه سمع اللغط حوله العجل ، فقال السبعون : هذا قتال في المحلة . فقال موسى ليس بقتال ، ولكنه صوت الفتنة . فلما دخل موسى ونظر ما يصنع بنو إسرائيل حول العجل غضب ، وألقى الألواح فانكسرت ، فصعد عامة ما فيه من كلام الله .
Page 24