35
قوله : { وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما } أي لا حساب عليكما فيه . { ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين } لأنفسكما بخطيئتكما . وقال في آية أخرى : { هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى } [ طه : 120 ] .
ذكروا عن ابن عباس أنه قال : الشجرة التي نهى عنها آدم وحواء هي السنبلة وقال بعضهم : هي التينة .
قوله : { فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه } . قال بعضهم : بلغنا أن إبليس دخل في الحية فكلمهما منها . وكانت أحسن الدواب فمسخها الله ، ورد قوائمها في جوفها وأمشاها على بطنها .
وقال الكلبي : دعا حواء من باب الجنة فناداها ، فدعاها إلى أكل الشجرة ، وقال : أيكما أكل منها قبل صاحبه كان هو المسلط على صاحبه .
وتفسير الحسن أنه وسوس إليهما من الأرض . قال : ولم يكن له أن يلبث فيها بعد قول الله : { فاخرج منها فإنك رجيم } [ الحجر : 34 ] .
قال الكلبي : فابتدرا الشجرة ، فسبقته حواء ، وأعجبهما حسن الشجرة وثمرتها ، فأكلت منها وأطعمت آدم . فلما أكلا منها بدت لهما سوءاتهما . وكانا كسيا الظفر ، فبدت سوءاتهما وأبصر كل واحد منهما ما كان ووري عنه من سوأته فاستحييا { وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة } [ الأعراف : 22 ] يرقعانه كهيئة الثوب ليواريا سوءاتهما . ثم { وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين } [ الأعراف : 22 ] أي : بين العداوة . فاعتل آدم بحواء وقال : هي أطعمتني فأكلته .
ذكروا أن رسول الله A قال : « لولا بنو إسرائيل ما خنز لحم وما أنتن طعام ، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها » .
ذكر بعضهم أن حواء هي التي كانت دلت الشيطان على ما كان نهى عنه آدم في الجنة .
ذكر الحسن عن النبي عليه السلام أن آدم كان رجلا طويلا كأنه نخلة سحوق ، جعد الشعر . فلما وقع بما وقع بدت له عورته ، وكان لا يراها قبل ذلك ، فانطلق هاربا ، فأخذت شجرة من الجنة برأسه ، فقال لها : أرسليني . فقالت : لست بمرسلتك . فناداه ربه : يا آدم ، أمني تفر؟ فقال رب إني استحييتك .
قوله : { وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو } . يعني آدم معه حواء وإبليس . والحية التي دخل فيها إبليس لا تقدر على ابن آدم في موضع إلا لدغته ، ولا يقدر عليها في موضع إلا شدخها . وقال في رواية أخرى : { أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو } [ الكهف : 50 ] قال بعضهم : من قتل حية فقد قتل كافرا .
قوله : { ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين } المستقر من يوم يولد إلى يوم يموت . وهو مثل قوله : { فيها تحيون وفيها تموتون } [ الأعراف : 25 ] ويعني بالمتاع معايشهم في الدنيا ، يستمتعون بها . وقوله : إلى حين ، يعني الموت .
Page 20