Tafsir
تفسير عبد الرزاق
Investigator
د. محمود محمد عبده
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
سنة ١٤١٩هـ
Publisher Location
بيروت.
حَدِيثُ نُمْرُوذَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ:
٣٢٨ - نا مَعْمَرٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ أَوَّلَ جَبَّارٍ كَانَ فِي الْأَرْضِ نُمْرُوذُ، قَالَ: وَكَانَ " النَّاسُ يَخْرُجُونَ يَمْتَارُونَ مِنْ عِنْدِهِ الطَّعَامَ، قَالَ: فَخَرَجَ إِبْرَاهِيمُ يَمْتَارُهُ مَعَ مَنْ يَمْتَارُ " فَإِذَا مَرَّ بِهِ نَاسٌ قَالَ: «مَنْ رَبُّكُمْ؟» قَالُوا: أَنْتَ، حَتَّى مَرَّ بِهِ إِبْرَاهِيمُ قَالَ: «مَنْ رَبُّكَ؟» قَالَ: الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ، قَالَ: ﴿أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ﴾ [البقرة: ٢٥٨] قَالَ إِبْرَاهِيمُ: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ﴾ [البقرة: ٢٥٨] قَالَ: فَرُدَّ بِغَيْرِ طَعَامٍ، قَالَ: فَرَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى أَهْلِهِ، فَمَرَّ عَلَى كَثِيبٍ مِنْ رَمْلٍ أَعْفَرَ، فَقَالَ: " أَلَا آخُذُ مِنْ هَذَا فَأُتِيَ بِهِ أَهْلِي، فَتَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ حِينَ أَدْخُلُ عَلَيْهِمْ، قَالَ: فَأَخَذَ مِنْهُ، فَأَتَى أَهْلَهُ " قَالَ: فَوَضَعَ مَتَاعَهُ ثُمَّ نَامَ، قَالَ: «فَقَامَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى مَتَاعِهِ، فَفَتَحَتْهُ، فَإِذَا هُوَ بِأَجْوَدِ طَعَامٍ رَآهُ أَحَدٌ، فَصَنَعَتْ لَهُ مِنْهُ، فَقَرَّبَتْهُ إِلَيْهِ، وَكَانَ عَهْدُهُ بِأَهْلِهِ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ طَعَامٌ» فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ فَقَالَتْ: «مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي جِئْتَ بِهِ، فَعَرَفَ أَنَّ اللَّهَ رَزَقَهُ، فَحَمِدَ اللَّهَ» ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ إِلَى الْجَبَّارِ مَلَكًا: «أَنْ آمِنْ بِي، وَأَتْرُكُكَ عَلَى مُلْكِكَ» قَالَ: فَهَلْ رَبٌّ غَيْرِي؟ قَالَ: «فَجَاءَهُ الثَّانِيَةَ» فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ: «فَأَبَى عَلَيْهِ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَأَبَى عَلَيْهِ» فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: فَاجْمَعْ جُمُوعَكَ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، قَالَ: فَجَمَعَ الْجَبَّارُ جُمُوعَهُ، قَالَ: «فَأَمَرَ اللَّهُ الْمَلَكَ، فَفَتَحَ عَلَيْهِ بَابًا مِنَ الْبَعُوضِ» قَالَ: فَطَلَعَتِ الشَّمْسُ فَلَمْ يَرَوْهَا مِنْ كَثْرَتِهَا، قَالَ: «فَبَعَثَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَأَكَلَتْ لُحُومَهُمْ، وَشَرِبَتْ دِمَاءَهُمْ، فَلَمْ تُبْقِ إِلَّا الْعِظَامَ، وَالْمَلِكُ كَمَا هُوَ لَمْ يُصِبْهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ» فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَعُوضَةً، فَدَخَلَتْ فِي مَنْخَرِهِ، فَمَكَثَ أَرْبَعَ مِائَةِ سَنَةٍ، يُضْرَبُ رَأْسُهُ، وَأَرْحَمُ النَّاسِ بِهِ مَنْ جَمَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِهِمَا رَأْسَهُ، وَكَانَ جَبَّارًا أَرْبَعَ مِائَةِ عَامٍ، فَعَذَّبَهُ اللَّهُ أَرْبَعَ مِائَةِ سَنَةٍ كَمُلْكِهِ، ثُمَّ أَمَاتَهُ اللَّهُ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ بَنَى صَرْحًا إِلَى السَّمَاءِ، فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُ مِنَ الْقَوَاعِدِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ: ﴿فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ﴾ [النحل: ٢٦]
1 / 367