86

Tafsir

تفسير ابن باديس ((في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير)).

Investigator

علق عليه وخرج آياته وأحاديثه أحمد شمس الدين.

Publisher

دار الكتب العلمية بيروت

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٦هـ - ١٩٩٥م.

Publisher Location

لبنان.

Genres

معالجة هذه الرذيلة بإبطال سببها وعظيم قبحها وسوء عاقبتها: أبطل تعالى خوفهم من الفقر بقوله: ﴿نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ﴾؛ فأخبر أن رزق الجميع عليه، وأنه متكفل برزق خلقه بما يسر لهم من أسباب جلية أو خفية، لا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى، والكبير والصغير. كما أنه تعالى هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، كما في الآية السابقة، فهما مرتبطان بهذه المناسبة. ومن ضلالهم: أنهم نظروا إلى قوة الكبير فحسبوه مرزوقًا من نفسه، فهداهم بقوله: ﴿وَإِيَّاكُمْ﴾ إلى أن الكبار مرزوقون من الله بتقديره وتيسيره. ولما كان لا فرق بين الكبير والصغير في الحاجة إلى لطف الله، وضمان الرزق من الله، فلا وجه لخوف الفقر من وجود الأولاد وكثرتهم، لأنه ما من واحد منهم إلاّ ورزقه مضمون من خالقه ﷻ. وبين تعالى فظاعة هذا القتل بقوله: ﴿أَوْلَادَكُمْ﴾، بإضافة الأولاد إليهم، فإن الأولاد أفلاذ الأكباد، وقطعة من لحم المرء ودمه، ونسخة من ذاته، فمحبتهم فطرة، والعطف التام عليهم خلقة، فكيف يكون قبح وفظاعة فعل من بلغ بهم القتل! وأي خير يُرجى من قاتل ولده لغيره من الناس، بعد ما جنى أفظع الجنايات على ألصق الناس به؟؟! وبين تعالى سوء العاقبة لهذا القتل بقوله: ﴿إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا﴾؛ أي إثمًا كبيرًا لما فيه من قتل النفس، وقطع النسل، وهلاك الجنس، وخراب العمران، وسوء الظن بالله، وعدم خشيته، وعدم الشفقة على خلقه. يقال خطىء يخطأ خطئًا (١) إذا قصد الفعل القبيح ففعله. وأخطأ يُخطىء خطئًا (٢) إذا قصد شيئًا فأصاب غيره. ومن مثل وعيد الآية ما ثبت في الصحيح عن ابن مسعود ﵁: «أن النبي ﵌ سئل: أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندًا وهو خلقك. قال: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك» (٣).

(١) أي بكسر الخاء وسكون الطاء. (٢) أي بفتح الخاء والطاء. (٣) أخرجه البخاري في تفسير سورة٢ باب٣ وسورة٢٥باب٢، والأدب باب٢٠، والحدود باب٢٠، والديات باب١، والتوحيد باب٤٠و٤٦. ومسلم في الإيمان حديث١٤١و١٤٢. وأبو داود في الطلاق باب٥٠. والترمذي في تفسير سورة٢٥ باب١و٢. والنسائي في الأيمان باب٦، والتحريم باب٤. وأحمد في المسند (١/ ٣٨٠، ٤٣١، ٤٣٤، ٤٦٢، ٤٦٤).

1 / 90