وقرأ حمزة باشمام الصاد الزاي، ليكون أقرب الى المبدل عنه، إذ قد يشم الصاد صوت الزاي، وفصحاهن اخلاص الصاد وهي لغة قريش، ويجمع على " فعل " ككتاب على كتب، ويستوي فيه المذكر والمؤنث، كالطريق والسبيل.
واعلم أن الأمر والدعاء يتشاركان صيغة ومعنى، لأن كلا منهما طلب، وإنما يتفاوتان بالاستعلاء والتسفل، أو بالرتبة. وأما معنى هذا الدعاء ففيه وجوه:
منها: أن معناه: ثبتنا على الدين الحق، لأن الله قد هدى الخلق كلهم الى الصراط أي طريق الحق من ملة الاسلام، إلا ان الإنسان قد تزل قدمه عن جادته، وترد عليه الخواطر الردية فيحسن منه أن يسأل الله التثبت على دينه، والزيادة على هذا، كما قال الله تعالى:
والذين اهتدوا زادهم هدى
[محمد:17]. وهذا كقولك لمن يأكل الطعام عندك: كل، أي: دم على أكله.
ومنها: أن المراد دلنا على الدين الحق في مستقبل العمر، كما دللتنا عليه في الماضي. ويجوز الدعاء بالشيء الذي يكون حاصلا كقوله تعالى:
قال رب احكم بالحق
[الأنبياء:112]، وليس فيه تحصيل للحاصل.
ومنها: أن نفس الدعاء عبادة شريفة من جملة العبادات. وفيه اظهار للانقطاع إليه تعالى، ويجوز أن يكون لنا فيه مصلحة من الخضوع والخشوع والتذلل، وسائر ما يوجب تليين القلوب والتبتل إليه، فتحسن المسألة.
وقيل في معنى الصراط المستقيم وجوه:
Unknown page