210

Tafsīr Ṣadr al-Mutaʾallihīn

تفسير صدر المتألهين

Genres

فهو غافل عن الحق جاهل بأمره، فلا يجوز له التهاون بهذا الأمر الشرعي اللازم الواجب، وإن قعد عنه فبالسياسات والزواجر يكره عليه ويجبر، حتى لا يفوت عنه حق التضرع والاشتياق الى الله تعالى، ليفيض عليه بجوده، وينجيه من عذاب وجوده، ويخلصه من آمال بدنه، ويوصله الى منتهى أمله.

فإنه لو انقطع عنه قليل خير، لتسارع اليه كثير شر، ولكان أدنى درجة من البهائم، وأضل سبيلا من الأنعام.

ومن غلبت عليه قواه الروحانية، وتسلطت على هواه قوته الناطقة، وتجرد عن محبة الدنيا وعلائق العالم الأدنى، فهذا الأمر الحقيقي والتعبد الروحاني، وذكر الله بالقلب ومناجاته وقرباته، واجب عليه أشد وجوبا وأقوى إلزاما، كما قيل: الحكمة أشد تحكما على باطن العاقل من السيف على ظاهر الأحمق. لأنه استعد بطهارة نفسه وشرافة عقله ليفيض عليه ربه، فهو أقبل بمشقته، واجتهد في تعبده لتسارع إليه جميع الخيرات العلوية والسعادات الأخروية، حتى إذا انفصل عن جسمه وفارق الدنيا، يدخل عليه الملائكة من كل، باب ويشاهد مفيضه وموجده ومكمله رب الأرباب، ويجاور حضرته ويلتذ بمنادميه حينئذ ومجاوريه، وهم سكان ملك الملكوت وقطان عالم الجبروت.

مكاشفة اخرى

في سر الصلاة وروحها

من جهة اشتمالها على ظاهر جسماني وباطن نوراني

إعلم أن الصلاة عبارة عن تشبه ما للنفس الإنسانية بالأشخاص الكريمة الإلهية في تحريكها للأجرام الفلكية، فما أشد شباهة الإنسان حين التشغل بالصلاة الكاملة بتلك الأشخاص الكريمة بأرواحها الملكية، في تعبدها الدائم، وركوعها وسجودها، وقيامها وقعودها طلبا للثواب السرمدي، وتقربا الى المعبود الأحدي.

ولذلك قال (صلى الله عليه وآله):

" الصلاة معراج المؤمن. وقال: الصلاة عماد الدين ".

وأصل الدين، تصفية الروح عن الكدورات الشيطانية والهواجس النفسانية، والصلاة الحقيقية هي التعبد للمبدإ الأعلى والمعبود الأعظم، والخير الأشراف، والتعبد في الحقيقة ، عرفان الحق جل مجده، والعلم بآياته بالسر الصافي والقلب النقي والنفس الفارغة.

Unknown page