Tafsīr Ṣadr al-Mutaʾallihīn
تفسير صدر المتألهين
Genres
" ليس الدين بالتمني "
يعلم أنه ليس أمر اختياريا، ولو كان من باب الأعمال البدنية كالصلاة والصيام، لأمكن تحصيله في شخص آخر بالجبر، وفي الشخص نفسه بالتمني.
الخامس: إن العلم والتصديق اليقيني غير قابل للزوال والتغيير، فهو المتعين بأن يكون أصلا في الإيمان.
السادس: إن الإيمان في أصل اللغة بمعنى التصديق والإذعان، فلو صار في عرف الشرع لغير هذا المعنى، لزم أن لا يكون عربيا، وذلك ينافي وصف القرآن بكونه عربيا.
وأيضا لو صار منقولا عن معناه ومسماه الأصلي، لتوفرت الدواعي على معرفة ذاك المسمى، ولاشتهر وبلغ الى حد التواتر، وليس كذلك فعلم أنه باق على أصل الوضع.
وأيضا: لا خلاف لأحد في أن لفظ الإيمان اذا عدي بحرف الباء، كان معناه التصديق، كما هو في اللغة، فوجب أن يكون المعدى كذلك، لا يقال: هذا إثبات اللغة بالقياس، وهو غير جائز، كما ثبت في علم الاصول، لأنا نقول: ليس كذلك، بل هذا استنباط المعنى الأصلي من موارد الاستعمال، إذ التعدية بالحرف لا تغير أصل المعنى المصدري بل تزيده كمالا وقوة.
وأما المعتزلة، فقد اعترفوا أن الإيمان اذا عدي بالباء. كان المراد به التصديق كما في أصل اللغة، ولذلك إذا قيل: " فلان آمن بالله وبرسوله " يكون المراد عندهم أيضا مجرد التصديق، إذ الإيمان بمعنى أداء الواجبات لا يمكن فيه هذه التعدية، فلا يقال: " فلان آمن بكذا " إذا صام أو صلى، وأما إذا ذكر مطلقا بلا تعدية، فقد زعموا أنه منقول من المسمى اللغوي الى معنى آخر، وهذا تحكم محض كما لا يخفى.
فصل
[درجات الإيمان ومراتبه]
فالمذهب المنصور المعتضد بالبرهان، أن الإيمان في عرف الشرع هو التصديق بكل ما علم بالضرورة من دين نبينا (صلى الله عليه وآله). لكن قد يسمى الإقرار ايمانا كما يسمى تصديقا، إلا انه متى صدر عن شك أو جهل كان ايمانا لفظيا لا حقيقيا، ومن هذا القبيل تقسيم المنطقيين القضية - وهي الحكم بثبوت أمر لآخر - الى قضية معقولة، والى قضية ملفوظة.
Unknown page