والمقصود؛ أن نبينا (صلى الله عليه وآله)، لما عرج وأراد أن يرجع، قال رب العزة: المسافر إذا عاد إلى وطنه أتحف أصحابه. وإن تحفة أمتك الصلاة الجامعة بين المعراجين: الجسماني بالأفعال، والروحاني بالأذكار والنيات.
فليكن المصلي ثوبه طاهرا وبدنه طاهرا، لأنه بالواد المقدس طوى، ويصفي النفس عن الكدورات الشيطانية، والهواجس البشرية، لأنه بين يدي الله.
والصلاة هي التعبد للمعبود الأعظم، والتعبد هو عرفان الحق الأول بالسر الصافي والقلب النقي.
وأيضا، عنده ملك وشيطان ودين وعقل وهوى، وخير وشر وصدق وكذب، وحق وباطل، وقناعة، وحرص وحلم وطيش، وسائر الأخلاق المتضادة والصفات المتنافية، فلينظر أيها يختار، فإنه إذا استحكم المرافقة تعذرت المفارقة، قال تعالى:
يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين
[التوبة:119].
ثم إذا تطهر وتجرد، فليرفع يديه إشارة الى توديع الدنيا والآخرة، وليوجه قلبه وروحه وسره الى الله تعالى، ثم ليقل: الله أكبر، أي من كل الموجودات، بل هو أكبر من أن يقاس إليه غيره.
وقل: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفا، فقولك: وجهت وجهي؛ هو معراج الخليل على نبينا وعليه الصلاة والسلام. كما ان قولك: سبحانك اللهم وبحمدك، معراج الملائكة حيث قالوا: نحن نسبح بحمدك ونقدس لك، وقولك : ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، معراج الحبيب محمد (صلى الله عليه وآله).
فقد جمع المصلي بين معراج الملائكة المقربين، ومعراج عظماء الأنبياء المرسلين.
ثم إذا فرغت من هذه الحالة فقل: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، حذرا عن مكره وإغوائه، ودفعا لإعجابك عن نفسك، وفي هذا المقام يفتح لك أحد أبواب الجنة وهو باب المعرفة.
Unknown page