320

Tafsir

تفسير الأعقم

Genres

[72 - سورة الجن]

[72.1-6]

{ قل } يا محمد { أوحي } ذكر على ما لم يسم فاعله تفخيما وتعظيما والله تعالى الذي أوحى إليه { أنه استمع نفر من الجن } قيل: كانوا سبعة من جن نصيبين سمعوا قراءة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ورجعوا إلى قومهم { فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا } لأن كلام العباد لا تعجب منه، وقيل: أرادوا كلاما خارجا عن كلام العباد نظما وفصاحة ومعنى { يهدي إلى الرشد } أي يدل إلى الهدى ويدعو إليه { فآمنا به } أي صدقنا { ولن نشرك بربنا أحدا } قيل: إنما بدأوا بأنفسهم في الحكاية لأنهم كانوا رأوا العوام وتبعوهم في مذاهبهم، وقيل: قالوا لهم نصيحة، واختلفوا قيل: لم يراهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لذلك قال أوحي إلي، وقيل: بل رآهم وكانوا سبعة فأرسلهم إلى سائر الجن { وأنه تعالى جد ربنا } كما قيل: تعالت صفات الله وعظم جلالة ربنا وعظمته، يقال: جد فلان في بني فلان أي عظم، والمعنى جل في صفاته فلا تجوز عليه صفات الأجسام والأعراض { ما اتخذ صاحبة } أي زوجة { ولا ولدا } { وإنه كان يقول سفيهنا } قيل: جاهلنا، وقيل: هو ابليس { على الله شططا } يعني قولا عظيما وافترى على الله بوصفه بما لا يليق به، شططا أي بعيدا من الصواب وهو الكذب في توحيد الله وعدله { وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا } الكذب في وصفه بالولد والشريك حتى سمعنا القرآن وتبنا إلى الله { وأنه كان رجال من الإنس } أي من بني آدم، وقيل: أن أول من تعوذ بهم رجال من اليمن ثم بنو حنيفة ثم فشا في العرب، وكان الرجل إذا نزل واديا في سفره قال: أعوذ بعزيز هذا الوادي من شر سفهاء قومه { فزادوهم رهقا } يعني زاد الجن الإنس رهقا استعاذتهم، واختلفوا في قوله: { رهقا } قيل: إثما، وقيل: طغيانا، وقيل: جهلا، وقيل: هلاكا.

[72.7-17]

{ وأنهم ظنوا } يعني مشركي الجن { كما ظننتم } إن ظن مشركو الإنس { أن لن يبعث الله أحدا } وكانوا ينكرون البعث، وقيل: لن يبعث الله أحدا رسولا، قيل: هذا وما قبله حكاية عن الجن، وقيل: بل هو ابتداء كلام من الله تعالى { وأنا لمسنا السماء } طلبنا المصير اليها { فوجدناها ملئت حرسا شديدا } أي حفظة من الملائكة شديدة { وشهبا } من النجوم وذلك أن الملائكة يرجمونهم بالشهب ويمنعوهم من الاستماع { وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع } أي من السماء مواضع للسمع، أي للاستراق أي لاستراق السمع أي كان يتهيأ لنا قبل هذا القعود في مواضع الاستماع كلام الملائكة فنعرف ما يسمع من الغيب { فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا } قيل: حافظا، وقيل: أن الشهب كثرت في هذه الأيام وانتقضت العادة فكان معجزة له (صلى الله عليه وآله وسلم) ومنعت الجن عن الاستماع من الملائكة ليسمعوا من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنه كان مبعوثا اليهم { وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا } قيل: هذا المنع لا ندري العذاب منزل بأهل الأرض أم لنبي يبعث يهدي إلى الرشد، ومتى قيل: كانوا يصعدون إلى السماء أم يقفون في الهوى قال الحاكم: قلنا: كل الوجهين جائز وقد منعوا من الجميع { وأنا منا الصالحون } قيل: دينهم { ومنا دون ذلك } دون الصالح { كنا طرائق قددا } أي فرقا شتى وأهواء مختلفة ومذاهب متفرقة كافر ودونه، وقيل: ألوانا شتى، وقيل: أجناسا، وقيل: يهودا ونصارى ومسلمين، وقيل: الجن مثل الإنس منهم قدرية ومرحية ورافضية { وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض } إذا أراد بنا أمرا لا نفوته { ولن نعجزه هربا } { وإنا لما سمعنا الهدى } أي القرآن الهادي إلى الحق ، وقيل: التوحيد والعدل والنبوات والشرائع { آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا } أي نقصا من ثوابه { ولا رهقا } قيل: ظلما، وقيل: لا يخاف بخسا في حسناته ولا زيادة في سيئاته، وقيل: لا يخاف أن يؤاخذ بغير ذنب ولا يؤاخذ بذنب غيره { وأنا منا المسلمون } أي المستسلمون لأمر الله المنقادون له { ومنا القاسطون } الجائرون العادلون عن الحق { فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا } أي طلبوا الرشد واهتدوا إلى الحق { وأما القاسطون } الجائرون العادلون عن الحق { فكانوا لجهنم حطبا } توقد بهم النار كما يوقد الحطب { وألو استقاموا على الطريقة } يعني لو استقاموا على الدين علما وعملا، وقيل: لو استقاموا على طريقة الحق بأن كانوا مطيعين { لأسقيناهم ماءا غدقا } أي وسعنا عليهم الرزق والنعم لنختبرهم كيف شكرهم للنعم، قال الحسن: كان والله أصحاب محمد مستقيمين ففتح الله عليهم كنوز كسرى وقيصر ونظيره

ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض

[الأعراف: 96] وفي قصة نوح:

واسغفروا ربكم إنه كان غفارا

[نوح: 10] الآية يعني لو استقاموا على طريقة الدين لجعل الله لهم سقيا، وذلك يحتمل سعة الرزق في الدنيا ويحتمل نعيم الآخرة في الجنة ويحتمل الأمرين جميعا، ويكون معنى { لنفتنهم فيه } اختبارا وتأكيدا للحجة، قيل: أنه خطاب للجن، وقيل: للإنس، وقيل: لهما وهو الوجه { ومن يعرض عن ذكر ربه } قيل: عن شكر النعمة، وقيل: عن طاعته { يسلكه } أي يدخله { عذابا صعدا } قيل: شاقا، وقيل: هو جبل في النار، وقيل: صخرة صماء محماة يكلف الوليد بن المغيرة أن يصعدها وهو في السلاسل ويضرب بالمقامع فإذا بلغ أعلاها انحدر إلى أسفلها ثم يكلف صعودها وهبوطها فذلك دأبه.

[72.18-24]

Unknown page