[25.25-31]
{ أصحاب الجنة يومئذ } يعني يوم القيامة إذا دخلوا الجنة { خير مستقرا } ومصيرا { وأحسن مقيلا } المقيل عبارة عن المقام، قوله تعالى: { ويوم تشقق } يعني يرون الملائكة يوم تشقق { السماء } فيه { بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا } والمعنى أن السماء تنفتح بغمام تخرج منها وفي الغمام الملائكة ينزلون وفي أيديهم صحائف الأعمال، وروي تشقق سماء سماء وتنزل الملائكة إلى الأرض، وقيل: غمام أبيض رقيق مثل الضبابة، ولم يكن إلا لبني اسرائيل في تيههم، وفي معناه قوله تعالى:
هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة
[البقرة: 210]، { ونزل الملائكة تنزيلا } ، قوله تعالى: { الملك يومئذ الحق للرحمان } خالصا { وكان يوما على الكافرين عسيرا } لأنهم يودون إلى النار موئدة لا فرح لهم، ثم بين حال الكافرين يوم القيامة وشدة تحسرهم فقال تعالى: { ويوم يعض الظالم على يديه } الآية إلى آخر القصة نزلت في عقبة بن أبي معيط، وأبي بن خلف، وكانا متحابين فأصلح عقبة طعاما ودعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فامتنع حتى يشهد بالشهادتين فشهد، وبلغ ذلك أبي بن خلف فقال: صبوت يا عقبة ما أنا بالذي أرضى حتى تأتيه وتبزق في وجهه، ففعل ذلك، وروي أن عقبة قال لأبي أنه أبى ألا يأكل من طعامي فاستحيت منه فشهدت له، والشهادة ليست في نفسي، فقال: وجهي من وجهك حرام إن لعنت محمدا ولم تطأ قفاه وتبزق في وجهه وتلطم عينه، فوجده ساجدا في دار الندوة ففعل ذلك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" لا ألقاك خارجا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف "
فقتل يوم بدر، أمر عليا (عليه السلام) بقتله، وطعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبيا بأحد فرجع إلى مكة فمات فيها، وفيهما نزلت الآية، وعن الضحاك: لما بزق في وجهه عاد بزاقه في خده فأحرقه، وكان أثره ظاهرا حتى مات { ويوم يعض الظالم } عض اليدين والأنامل، والسقوط في اليد، وأكل النبات كنايات عن الغيظ، قوله تعالى: { يا ويلتا ليتني لم اتخذ فلانا خليلا } كناية عن واحد بعينه وهو أبي، ويجوز أن يريد الشيطان { لقد أضلني عن الذكر } وهو القرآن { وكان الشيطان للإنسان خذولا } يعني عادته الخذلان { وقال الرسول يا رب } قال ذلك في الدنيا عند كفرهم وضيق صدره التجأ إليه وشكا فقال: { يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا } يعني قالوا فيه غير الحق تركوه وصدوا عنه وعن الإيمان به، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
" من تعلم القرآن وعلمه وعلق مصحفا لم يتعاهده ولم ينظر فيه جاء يوم القيامة متعلقا به يقول: يا رب العالمين عبدك هذا اتخذني مهجورا اقض بيني وبينه "
وقيل: زعموا أنه باطل وأساطير الأولين، ولما تقدم قول الرسول أن قومه اتخذوا هذا القرآن مهجورا بين حال الأنبياء قبله وما نالهم من قومهم تسلية له فقال سبحانه: { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين } كما جعلنا لك عدوا، ومعنى جعلنا حكمنا بأنهم أعداء للأنبياء { وكفى بربك هاديا ونصيرا } يعني كفاية لك هاديا ونصيرا.
[25.32-39]
{ وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة } كما أنزلت التوراة والإنجيل والزبور، القائلون قريش، وقيل: اليهود { كذلك } جوابا لقولهم أنزل متفرقا { لنثبت به فؤادك } يعني تعيه وتحفظه، والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فارقت حالته حالة موسى وداوود وعيسى حيث كان أميا لا يقرأ ولا يكتب وهم كانوا كاتبين قارئين { ورتلناه ترتيلا } ، قيل: رسلناه، ومعنى ترتيله أن قدره آية بعد آية ووقفة عقيب وقفة، ويجوز أن يكون المعنى: وأمرنا بترتيل قراءته وذلك قوله:
Unknown page