193

Tafsir

تفسير الأعقم

Genres

وإن كانوا ليقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين

[الصافات: 167-169].

[23.72-89]

{ أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين } وهو ما تخرجه للإمام من زكاة أرضك إلى كل عامل، وقيل: المخرج ما تبرعت به، والخراج ما لزمك أداؤه، قال جار الله: والوجه أن الخرج أخص من الخراج، فخراج ربك رزقه وثوابه خير، وهو خير الرازقين لأنه يخلق الرزق ويعطي متفضلا { وإنك } يا محمد { لتدعوهم إلى صراط مستقيم } { وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون } النكب الميل، وقيل: إن الذين لا يؤمنون بالنشأة الآخرة عن الصراط لناكبون لعادلون { ولو رحمناهم } ورددناهم إلى دار التكليف { للجوا في طغيانهم يعمهون } نظيره لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه، وقيل: هو في الدنيا، والمعنى لو كشف الله عنهم هذا الضر وهو الجوع والقحط الذي أصابهم برحمته عليهم ووجدوا الخصب لارتدوا إلى ما كانوا عليه من الاستكبار وعداوة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنين { يعمهون } يترددون { ولقد أخذناهم بالعذاب } بالحدث وضيق الرزق والقتل بالسيف { فما استكانوا لربهم } أي ما خضعوا { وما يتضرعون } لكشف البلاء، يعني مصائب الدنيا { حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد } بسنين كسني يوسف فجاعوا حتى أكلوا العلهن، وقيل: القتل يوم بدر، وقيل: بابا من عذاب جهنم في الآخرة، وقيل: فتح مكة { إذا هم فيه مبلسون } أي متحيرون آيسون من كل خير { وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون } يعني هل شكرتم لها، وقيل: هو نفي، قال جار الله: أي تشكرون شكرا قليلا، وما مزيدة للتأكيد بمعنى حقا { وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون } تجمعون { وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار } يعني يدبرهما في مجيء أحدهما خلف الآخر { أفلا تعقلون } أفلا تعلمون بأن تفكروا لتعلموا أن لجميع ما تقدم صانعا، قوله تعالى: { بل قالوا مثل ما قال الأولون } { قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما } بالية { أئنا لمبعوثون } بعد الموت أحياء { لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل } يعني هذا الوعد وهو البعث قد وعدنا أباؤنا قبل مجيئك { إن هذا إلا أساطير الأولين } يعني شيئا ينتظروه الأولون، أي كتبوه ولا حقيقة له، فقال سبحانه: { قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون } { سيقولون لله } يعني خلق الأرض ومن فيها، فإذا قالوا الله { قل أفلا تذكرون فتعلمون } أن من قدر على خلق الأرض ومن فيها ابتداء قادر على إحيائهم بعد الموت، ثم زاد في الحجة { قل من رب السماوات } أي خالقهما { ورب العرش العظيم } ومعنى رب السماوات والأرض أي مدبرهما كما يشاء، فإذا قالوا الله لزمهم الحجة فقال تعالى: { قل لهم } يعني قل يا محمد لهؤلاء المشركين { أفلا تتقون } أفلا تخافونه، فلا تشركون به وتعصوا رسله؟ فقال: قل لهم: { من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه } أي لا يمنع من الشر من يشاء ولا يكن لأحد أن يمنعه، وقيل: يجير من العذاب ولا يجار عليه، وقد يقال: أجرت فلانا على فلان إذا أغثته منه ومنعته، يعني هو يغيث من يشاء ممن يشاء ولا يغيث أحد منه أحدا { سيقولون لله قل فأنى تسحرون } تخدعون عن توحيده وطاعته.

[23.90-98]

{ بل أتيناهم بالحق } أي بالصدق في التوحيد والدين { وإنهم لكاذبون } في قولهم ان الأصنام آلهة وأن لله ولدا وأن الملائكة بنات الله وغير ذلك مما يزعمون { ما اتخذ الله من ولد } لأن اتخاذ الولد هو أن يجعل غيره مقام ولده لو كان له وهذا محال في صفات القديم { وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق } قال جار الله: لانفرد كل واحد من الآلهة بخلقه الذي خلقه واستبد به، ولرأيتم ملك كل واحد منهم متميزا من ملك الآخر { ولعلا بعضهم على بعض } كما يرون حال ملوك الدنيا ممالكهم متغايرة وهم متغالبون، وحين لم يروا أثرا لهما من الممالك والتغالب فاعلموا أنه إله واحد بيده ملكوت كل شيء، ولعلا بعضهم على بعض أي يغلب بعضهم بعضا وكان الضعيف لا يكون إلها { سبحان الله عما يصفون } أي براءة له وتنزيها عما يصفه المشركون من الأنداد والأولاد { عالم الغيب والشهادة } يعني يعلم ما غاب وما حضر فلا يخفى عليه شيء { قل } يا محمد { رب اما تريني ما يوعدون } هؤلاء الكفار من العذاب في الدنيا والآخرة { رب فلا تجعلني في القوم الظالمين } يعني لا تجعلني قريبا لهم ولا تعذبني بعذابهم، وقيل: هو عذاب الدنيا، وقيل: هو عذاب الآخرة { وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون } من العذاب المعجل، وقيل: من العذاب المؤجل، وقيل: عذاب الآخرة { ادفع بالتي هي أحسن السيئة } قيل: اعرض عن أذاهم ولا تعجل عليهم بالسيئة والقتال ولكن بالعظة الحسنة، ونسختها آية السيف، قال جار الله: والمعنى الصفح عن إساءتهم ومقابلتها بما أمكن من الإحسان حتى إذا اجتمع الصفح والإحسان وبذل الاستطاعة فيه كانت حسنة مضاعفة، وعن ابن عباس: هو شهادة أن لا إله إلا الله والسيئة الشرك، وقيل: ادفع بمعاشرتك أذاهم عن نفسك، وقيل: هي محكمة لأن المداراة محثوث عليها { نحن أعلم بما يصفون } فنجازيهم به { وقل رب أعوذ بك } أي استجيرك { من همزات الشياطين } ، قيل: نزغاتهم، وقيل: وساوسهم، قال جار الله: والمعنى أن الشياطين يحثون الناس على المعاصي ويغرونهم عليها كما تهمز الراضة الدواب حثا لها على المشي { وأعوذ بك رب أن يحضرون } في...... الأمور بالتعوذ من أن يحضروه أصلا، وعن ابن عباس عند تلاوة القرآن.

[23.99-107]

{ حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون } يعني إذا جاء أحدهم أسباب الموت من معاينة وأهوال الآخرة قال عند ذلك: رب ارجعون إلى الدنيا، قال جار الله: إذا أيقن بالموت واطلع على حقيقة الأمر أدركته الحسرة على ما فرط من الإيمان والعمل الصالح، فسأل ربه الرجعة وقال: { لعلي أعمل صالحا } في الايمان الذي تركته، والمعنى: لعلي آتي بما تركته من الايمان واعمل صالحا، قال جار الله: عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):

" إذا عاين المؤمن الملائكة قالوا: نرجعك إلى الدنيا، فيقول: إلى دار الهموم والأحزان بل قدوما إلى الله تعالى، وأما الكافر فيقول: رب ارجعون "

{ كلا } وجوابها لا يكون ولا يرجع إلى الدنيا { إنها كلمة } يعني سؤال الرجعة { هو قائلها } ولا ينالها، وقيل: لهي كلمة يقولها ولا تنفعه { ومن ورائهم } أمامهم حائل بينهم وبين الرجعة إلى يوم البعث، وقيل: حاجز بين الدنيا والآخرة، وقيل: بين الميت والرجوع إلى الدنيا { فإذا نفخ في الصور } قيل: المراد بنفخ الروح في الصور، وقيل: هي النفخة الأولى، وقيل: النفخة الثانية { فلا أنساب بينهم } أي لا يتواصلون { ولا يتساءلون } أي لا يسأل بعضهم بعضا قيل: القيامة مواطن في بعضها يتساءلون وفي بعضها لا يتساءلون لشدة الهول والفزع، وقيل: الساكن يكون عند النفخة الأولى فإذا كانت النفخة الثانية قاموا فتعارفوا وتساءلوا عن ابن عباس { فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون } قال جار الله: الموازين جمع موزون وهي الموزونات من الأعمال أي الصالحات التي لها وزن وقدر عند الله من قوله تعالى:

Unknown page