[15 - سورة الحجر]
[15.1-8]
{ الر } قد ذكرنا ما قالوا فيه، وقيل: هو اسم للسورة، وقيل: إنها حروف أسماء الله تعالى: { تلك آيات الكتاب } التوراة والانجيل، وقيل: الكتب التي كتبت قبل القرآن، وقيل: أراد به القرآن، وقيل: تلك إشارة إلى السورة { وقرآن مبين } أي بين الحق والباطل { ربما } قرأ عاصم خفيفة الباء، وروي ذلك عن ابن عباس، والباقون يشددون الباء مفتوحة، وقوله: { يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين } أي يتمنون ذلك قيل: وقت المعاينة إذا عاينوا أحكام الآخرة وهو عند الموت، وقيل: عند مشاهدتهم المسلمين وهو يوم القيامة إذا عاينوا آجالهم { ذرهم يأكلوا ويتمتعوا } وهذا وعيد لهم { ويلههم الأمل } أي يشغلهم إمهالهم عن اتباع القرآن والرسول وآمالهم أنهم على دين { فسوف يعلمون } حين يحل بهم العذاب أو يوم القيامة { وما أهلكنا من قرية } من أهل قرية { إلا ولها كتاب معلوم } أي كتاب كتب فيه وقت هلاكهم، وقيل: كتاب معلوم أجل معلوم، وقيل: هو اللوح المحفوظ { ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون } { وقالوا يأيها الذي نزل عليه الذكر } أراد محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) { إنك لمجنون } أي زائل العقل { لو ما تأتينا بالملائكة } أي هلا تأتينا بالملائكة بالعذاب، وقيل: تشهد لك بالنبوة، ثم قال تعالى: { ما تنزل الملائكة إلا بالحق } الذي هو الموت، وقيل: ما ننزل لهم إلا بالوحي والقرآن الذي هو الحق { وما كانوا إذا منظرين } يعني غير نزول الملائكة.
[15.9-20]
{ إنا نحن نزلنا الذكر } يعني القرآن { وإنا له لحافظون } ، لا يجوز فيه الزيادة ولا النقصان، وقيل: وإنا له لحافظون، قيل: محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يحفظ من أعدائه { ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين } يعني في فرقهم وطوائفهم والشيعة الفرقة إذا اتفقوا على مذهب وطريقه يعني أرسلنا فيهم أنبياء { وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون } وذلك تسلية له (صلى الله عليه وآله وسلم)، قوله تعالى: { كذلك نسلكه } يعني القرآن يقال: سلكت الخيط في الابرة وأسلكته إذا أدخلته فيها، أي يوصل القرآن { في قلوب } المشركين، وقيل: باخطار ذلك ينالهم حتى عرفوه { لا يؤمنون به } يعني القرآن مع ذلك لا يؤمنون به عنادا وجهلا { وقد خلت سنة الأولين } أي مضت طريقة الأمم المتقدمة، يعني كانت الرسل تدعوهم إلى كتاب الله، ويسلك الله ذلك في قلوب أممهم لا يؤمنون كما هو شبه قومك، وقيل: وقائع الله فيمن قبلكم من الأمم { ولو فتحنا عليهم } ، قيل: على أهل مكة، وقيل: على الأمم، وقيل: هو عام، يعني لو فتح عليهم { بابا من السماء } ويسر لهم معراج يصعدون فيه اليها، ورأوا من العيان ما رأوا { لقالوا } هذا شيء نتخايله لا حقيقة له، ولقالوا: قد سحرنا محمد بذلك، وقيل: الضمير للملائكة يصعدون السماء عيانا لقالوا ذلك { ولقد جعلنا في السماء بروجا } ، قيل: هي النجوم { وزيناها } أي زينا السماء بالنجوم { للناظرين } من ينظر إليها { وحفظناها } أي حفظنا السماء { من كل شيطان رجيم } أي ملعون، قيل: مرمى بالنجوم { إلا من استرق السمع } والمراد بالسمع المسموع، وعن ابن عباس: أنهم كانوا لا يحجبون عن السموات، فلما ولد موسى منعوا من ثلاث سماوات، فلما ولد محمد منعوا من السماوات، وقوله: { فأتبعه شهاب مبين } أي مضيء لمن رآه { والأرض مددناها } وبسطناها { وألقينا فيها رواسي } الجبال الثوابت { وأنبتنا فيها } ، قيل: في الأرض من أنواع النبات، وقيل: في الجبال { من كل شيء موزون } وزن بميزان الحكمة وقدر بمقدار بعضه لا يصح فيه زيادة ولا نقصان، أو له وزن وقدر في أبواب النعمة والمنفعة، وقيل: ما يوزن من نحو الذهب والفضة والنحاس والحديد وغيرها { وجعلنا لكم } أي خلقنا لكم { فيها } في الأرض { معايش } من زروع ونبات، وقيل: رزقا تعيشون به من تجارات وزرع وغير ذلك { ومن لستم له برازقين } الدواب والأنعام، وقيل: العبيد والإماء، وقيل: البهائم والطيور.
[15.21-50]
{ وإن من شيء } ، قيل: من المطر، وقيل: ما من شيء مما جعله معاشا ورزقا { إلا عندنا خزائنه } يعني وما من شيء ينتفع به العباد إلا ونحن قادرون على اتخاذه خزائن الله مقدوراته، وقيل: لفظ الخزائن مستعارة، والمراد أن الخير كله من الله تعالى { وما ننزله } الماء من السماء { إلا بقدر معلوم } بحسب المصلحة وعن ابن مسعود (رضي الله عنه): ليس بأرض بأمطر من أرض، ولا عام بأمطر من عام، ولكن الله يقسمه في الأرض كيف يشاء عاما ها هنا وعاما ها هنا، وربما كان في البحر { وأرسلنا الرياح لواقح } والارسال الإطلاق، وقيل: أخرجنا الرياح وهي أربع، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
" الرياح الجنوب فهي من الجنة وهي اللواقح "
يقال: لقحت الناقة إذا حملت، يعني الرياح لاقح إذا جاءت بخير من إنشاء سحاب ماطر، قال القاضي: والأقرب أن هذه الرياح يرسلها تعالى حوامل للماء لأن الرياح إذا تراكب واختلط بها غيرها صار سحابا، وقيل: اللواقح هي الجنوب عن ابن عباس وأبي علي، وقيل: الحوامل السحاب جمع لاقحة والباني ذات لقح، وقيل: بمعنى ملقحة لأنها تلقح الأشجار وهي ضد العقيم وهي الشمال، ومن قرأها بالجمع فوجه ظاهر، ومن وحدها حملها على الجنس { فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه } يعني جعلناه سقاء لكم لزرعكم وأنعامكم لتحيى به البلاد وينمو به الزرع { وما أنتم له بخازنين } نفي لهم يعني ما أنتم له بحافظين، بل الله يحفظه ويرسله من السحاب، ثم يحفظه في الأرض، ثم يخرجه من العيون بقدر الحاجة { وانا لنحن نحيي ونميت } يعني نحيي الخلق ونميتهم { ونحن الوارثون } أي الباقون بعد هلاك الخلق كله، وقيل: للباقي والوارث استعارة من ورث الميت لأنه يبقى بعد فنائه، ومنه قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في دعائه:
" واجعله الوارث منا "
Unknown page