490

{ إذ قال لهم أخوهم صالح } المصلح لأحوالهم حين لاح عليهم علامات الإعراض عن الله، والانحراف عن جادة توحيده: { ألا تتقون } [الشعراء: 142] عن قهر الله، فتخرجون عن حدوده.

{ إني لكم رسول أمين } [الشعراء: 143] أنبهكم على ما يصلح حالكم، وأجنبكم عما يفسدكم.

{ فاتقوا الله } المنتقم الغيور، واحذروا من قهره وصولة غضبه وجلاله { وأطيعون } [الشعراء: 144] فيما أنصح لكم وأذكركم به.

{ و } اعلمواأني { مآ أسألكم عليه } أي: على تذكيري { من أجر إن أجري إلا على رب العالمين } [الشعراء: 145] وهو سبحانه اختارني للبعثة والرسالة، واصطفاني لحمل وحيه، فأرجوا من فضله وسعة جوده أن يفيض علي من معارفه وحقائقه إلى حيث اضمحل هويتي الباطلة في هوية الحق، وتلاشى تعيناتي بالفناء فيه.

[26.146-159]

{ أتتركون } وتبقون { في ما } أي: في أنواع النعم، وأصناف الإحسان والكرم، وتستمرون { هاهنآ } أي: في هذه النشأة كذلك { آمنين } [الشعراء: 146] بلا فترة انتقال وتحويل، مترفهين { في جنات } أي: حدائق وبساتين { وعيون } [الشعراء: 147] جاريات فيها { وزروع } كثيرة في أطرافها { و } لا سيما { نخل } لطيف { طلعها هضيم } [الشعراء: 148] إذ هو ينكسر وينهضم بسهولة، ويستحيل دما بسرعة.

{ و } من كمال بطركم، ونهاية حرصكم وأملكم { تنحتون } أي: تثقبون وتنقبون { من الجبال } المتحجرة { بيوتا } ومخازن تدخرون وتخزنون أمتعتكم فيها؛ صونا لها عن أنواع الحادثات بطرين { فارهين } [الشعراء: 149] متنعمين.

{ فاتقوا الله } المحول للأحوال؛ حتى لا يبدل يسركم إلى العسر، وتنعيمكم إلى التنقيم { وأطيعون } [الشعراء: 150] في نصحي وتذكيري.

{ ولا تطيعوا أمر المسرفين } [الشعراء: 151] في الإغراء على المعاصي والتغرير فيها؛ إذ هم { الذين يفسدون في الأرض } بأنواع الفسادات، ومن جملتها: إفسادكم وإغراؤكم إلى ما يضركم { ولا يصلحون } [الشعراء: 152] مفاسد أحد.

وبعدما سمعوا من صالح ما سمعوا من النصيحة والإرشاد، وأنواع الإصلاح والسداد { قالوا } من فرط تعنتهم وعنادهم، وكمال توغلهم في بحر الغفلة والغرور: { إنمآ أنت } يا صالح { من المسحرين } [الشعراء: 153] المختلين المخبطين عقولهم بالسحر.

Unknown page