{ فأما الذين آمنوا } بالله وكتبه ورسله { وعملوا الصالحات } المأمور لهم؛ إطاعة وانقيادا { فيوفيهم } الله { أجورهم } بأضعاف ما استحقوا { ويزيدهم من فضله } ما لا يسع في عقولهم { وأما الذين استنكفوا واستكبروا } عن عبادة الله { فيعذبهم } الله المتعزز برداء العظمة والكبرياء، المتفرد بعلو المجد، وإليها { عذابا } بطردهم عن ساحة عز حضوره { أليما } ولا ألم أشد من ذلك { و } مع ذلك { لا يجدون لهم من دون الله وليا } يدفع عنهم الأذى { ولا نصيرا } [النساء: 173] يخفف عنهم العذاب.
{ يا أيها الناس } المتوجهون إلى توحيد الله، لم يبق لكم عذر في الوصول إ ليه والرجوع نحوه؛ إذ { قد جآءكم برهان } واضح { من ربكم } على لسان نبيكم { و } مع ذلك { أنزلنآ } من مقام جودنا { إليكم } لهدايتكم وإصلاح حالكم { نورا مبينا } [النساء: 174] هو القرآن.
{ فأما الذين آمنوا } منكم { بالله } المتوحد في ذاته { واعتصموا به } وبكتابه ورسله { فسيدخلهم } الله { في رحمة } عظيمة، وروح عظيم؛ إشفاقا { منه } لاستحقاق منهم { وفضل } وإحسان؛ امتنانا عليهم { ويهديهم إليه } أي: إلى ذاته { صراطا مستقيما } [النساء: 175] موصلا إلى ذورة توحيده، لا يعرض لهم يها ضلال أصلآ.
[4.176]
{ يستفتونك } يا أكمل الرسل عن ميراث الكلالة: كيف يقسم؟ { قل } لهم: { الله يفتيكم في الكلالة } في أوائل السورة، ويعيد في آخرها، تأكيدا أو مبالغة، وهي آخر ما نزلت في الأحكام { إن امرؤ هلك } وحين هلك { ليس له ولد } لا ذكر ولا أنثى { و } الحال أن { له أخت } من الأبوين أو الأب { فلها نصف ما ترك } الهالك { و } ذا هلكت الأخت { هو يرثهآ } جميع مالها { إن لم يكن لهآ ولد } لا ذكر ولا أنثى.
{ فإن كانتا } الأختان { اثنتين فلهما الثلثان مما ترك } أخوهما { وإن كانوا } أي: الوارثون { إخوة } وأخوات مختلطين { رجالا ونسآء فللذكر مثل حظ الأنثيين } من متروكات أخيهم، وإنما { يبين الله لكم } حكم الكلالة هاهنا، مع أنه بينه في ما مضى؛ كراهة { أن تضلوا } وتغفلوا عنها { والله } المدبر لأموركم { بكل شيء } من حوائجكم المتعلقة بحياتكم ومماتكم { عليم } [النساء: 176] يعلمكم، وينبهكم عليه حتى لا تذهلوا وتنصفوا به.
خاتمة السورة
عليك أيها الطالب لتحقيق الحق، القاصد نحو توحيده - أوصلك الله إلى أقصى مرامك - أن تتمسك بالبرهان الواضح الذي وصل إليك من الرسول صلى الله عليه وسلم، الدال على توحيد الحق، وتستنير بنور القرآن الفارق بين الحق والباطل، الواقع في طريقه، وتمتثل بما فيه من الأوامر المؤدية إليه، وتجنب عن نواهيه المضلة، المبعدة عنه، وتتخلق بعزائمه المكنونة في ضمن الأحكام والقصص المذكورة فيه؛ لتتحقق بما رمز فيه من غوامض سر التوحيد، وسريان الوحدة في ملابس الكثرة، وتتمكن في مقر الوحدة الذاتية، المفنية للهويات الباطلة، الزائلة في أنفسها.
ولا يتيسر لك هذا إلا بطول خدمة المرشد الكامل، المكمل الذي يرشدك إلى الله امتداد حبل الله الممدود من أزل الذات إلى أبد الأسماء والصفات، ألا وهو القرآن المنزل على خير الأنام كما قال صلى الله عليه وسلم:
" القرآن حبل الله، ممدود من السماء إلى الأرض ".
Unknown page