Tafsir
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
Investigator
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
Publisher
دار طيبة للنشر والتوزيع
Edition Number
الرابعة
Publication Year
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
قَالُوا فَكَانَ هَذَا الْمَنُّ كُلَّ لَيْلَةٍ يَقَعُ عَلَى أَشْجَارِهِمْ مِثْلَ الثَّلْجِ، لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ صَاعٌ، فَقَالُوا: يَا مُوسَى قَتَلَنَا هَذَا الْمَنُّ بِحَلَاوَتِهِ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ أَنْ يُطْعِمَنَا اللَّحْمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمُ السَّلْوَى وَهُوَ طَائِرٌ يُشْبِهُ السُّمَانَى، وَقِيلَ هُوَ السُّمَانَى بِعَيْنِهِ، بَعَثَ اللَّهُ سَحَابَةً فَمَطَرَتِ السُّمَانَى فِي عَرْضِ مِيلٍ وَطُولِ رُمْحٍ فِي السَّمَاءِ، بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَالسَّلْوَى: الْعَسَلُ، فَكَانَ اللَّهُ يُنْزِلُ عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلَّ صَبَاحٍ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَكْفِيهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمْعَةِ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَكْفِيهِ لِيَوْمَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَنْزِلُ يَوْمَ السَّبْتِ.
﴿كُلُوا﴾ أَيْ: وَقُلْنَا لَهُمْ: كُلُوا ﴿مِنْ طَيِّبَاتِ﴾ حَلَالَاتِ ﴿مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ وَلَا تَدَّخِرُوا لِغَدٍ، فَفَعَلُوا، فَقَطَعَ اللَّهُ ذَلِكَ عَنْهُمْ، وَدَوَّدَ وَفَسَدَ مَا ادَّخَرُوا، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ أَيْ وَمَا بَخَسُوا بِحَقِّنَا، وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ بِاسْتِيجَابِهِمْ عَذَابِي، وَقَطْعِ مَادَّةِ الرِّزْقِ الَّذِي كَانَ يُنَزَّلُ عَلَيْهِمْ بِلَا مُؤْنَةٍ فِي الدُّنْيَا وَلَا حِسَابٍ فِي الْعُقْبَى.
أَخْبَرَنَا حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيُّ أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَوْلَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْبُثِ الطَّعَامُ وَلَمْ يَخْنَزِ اللَّحْمُ (١)، وَلَوْلَا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا الدَّهْرَ" (٢)
(١) ينتن. (٢) رواه البخاري: في الأنبياء - باب: قول الله تعالى وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر: ٦ / ٤٣٠. مسلم: في الرضاع - باب لولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر برقم (١٤٧٠) ٢ / ١٠٩٢. والمصنف في شرح السنة: ٩ / ١٦٤.
﴿وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩)﴾
﴿وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ﴾ سُمِّيَتِ الْقَرْيَةُ قَرْيَةً لِأَنَّهَا تَجْمَعُ أَهْلَهَا، وَمِنْهُ الْمِقْرَاةُ: لِلْحَوْضِ، لِأَنَّهَا تَجْمَعُ الْمَاءَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: هِيَ أَرِيحَاءُ وَهِيَ قَرْيَةُ الْجَبَّارِينَ كَانَ فِيهَا قَوْمٌ مِنْ بَقِيَّةِ عَادٍ يُقَالُ لَهُمُ الْعَمَالِقَةُ وَرَأْسُهُمْ عُوجُ بْنُ عُنُقَ، وَقِيلَ: بَلْقَاءُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: بَيْتُ الْمَقْدِسِ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هِيَ الرَّمْلَةُ
1 / 98