62

Tafsir

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Investigator

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Publisher

دار طيبة للنشر والتوزيع

Edition Number

الرابعة

Publication Year

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

أَطْفَأَ اللَّهُ نَارَهُمْ لَكِنْ عَبَّرَ بِإِذْهَابِ النُّورِ عَنْهُ لِأَنَّ النُّورَ نُورٌ وَحَرَارَةٌ فَيَذْهَبُ نُورُهُمْ وَتَبْقَى الْحَرَارَةُ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِضَاءَةُ النَّارِ إِقْبَالُهُمْ إِلَى الْمُسْلِمِينَ وَالْهُدَى وَذَهَابُ نُورِهِمْ إِقْبَالُهُمْ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَالضَّلَالَةِ وَقَالَ عَطَاءٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ. وَانْتِظَارِهِمْ خُرُوجَ النَّبِيِّ ﷺ وَاسْتِفْتَاحِهِمْ بِهِ عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ فَلَمَّا خَرَجَ كَفَرُوا بِهِ ثُمَّ وَصَفَهُمُ اللَّهُ فَقَالَ: ﴿صُمٌّ﴾ أَيْ هُمْ صُمٌّ عَنِ الْحَقِّ لَا يَقْبَلُونَهُ وَإِذَا لَمْ يَقْبَلُوا فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا ﴿بُكْمٌ﴾ خُرْسٌ عَنِ الْحَقِّ لَا يَقُولُونَهُ أَوْ أَنَّهُمْ لَمَّا أَبْطَنُوا خِلَافَ مَا أَظْهَرُوا فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَنْطِقُوا بِالْحَقِّ ﴿عُمْيٌ﴾ أَيْ لَا بَصَائِرَ لَهُمْ وَمَنْ لَا بَصِيرَةَ لَهُ كَمَنْ لَا بَصَرَ لَهُ ﴿فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ عَنِ الضَّلَالَةِ إِلَى الْحَقِّ. ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (١٩) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠)﴾ ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ﴾ أَيْ كَأَصْحَابِ صَيِّبٍ وَهَذَا مَثَلٌ آخَرُ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُنَافِقِينَ بِمَعْنًى آخَرَ إِنْ شِئْتَ مَثِّلْهُمْ بِالْمُسْتَوْقَدِ وَإِنْ شِئْتَ بِأَهْلِ الصيب وقيل ٧/ب أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ يُرِيدُ وَكَصَيِّبٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "أَوْ يَزِيدُونَ" بِمَعْنَى وَيَزِيدُونَ وَالصَّيِّبُ الْمَطَرُ وَكُلُّ مَا نَزَلْ مِنَ الْأَعْلَى إِلَى الْأَسْفَلِ فَهُوَ صَيِّبٌ =فَعِيلٌ مِنْ صَابَ يَصُوبُ أَيْ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ أَيْ مِنَ السَّحَابِ قِيلَ هِيَ السَّمَاءُ بِعَيْنِهَا وَالسَّمَاءُ كُلُّ مَا عَلَاكَ فَأَظَلَّكَ وَهِيَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا ﴿فِيهِ﴾ أَيْ فِي الصَّيِّبِ وَقِيلَ فِي السَّمَاءِ أَيْ مِنَ السَّحَابِ وَلِذَلِكَ ذَكَّرَهُ وَقِيلَ السَّمَاءُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ" (١٨-الْمُزَّمِّلِ) وَقَالَ "إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ" (١-الِانْفِطَارِ) ﴿ظُلُمَاتٌ﴾ جَمْعُ ظُلْمَةٍ ﴿وَرَعْدٌ﴾ الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَعُ مِنَ السَّحَابِ ﴿وَبَرْقٌ﴾ النَّارُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهُ. قَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ ﵃: الرَّعْدُ اسْمُ مَلَكٍ يَسُوقُ السَّحَابَ وَالْبَرْقُ لَمَعَانُ سَوْطٍ مِنْ نُورٍ يَزْجُرُ بِهِ الْمَلَكُ السَّحَابَ. وَقِيلَ الصَّوْتُ زَجْرُ السَّحَابِ وَقِيلَ تَسْبِيحُ الْمَلَكِ. وَقِيلَ الرَّعْدُ نُطْقُ الْمَلَكِ وَالْبَرْقُ ضَحِكُهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ الرَّعْدُ اسْمُ الْمَلَكِ وَيُقَالُ لِصَوْتِهِ أَيْضًا رَعْدٌ (١) وَالْبَرْقُ

(١) الأخبار التي ذكرت لم يذكرها ابن كثير ولا السيوطي في الدر المنثور وإنما ذكر بعضها القرطبي وأكثرها لا يخلو من مقال كما في تعليق الأستاذ محمود شاكر على الطبري عند تفسير قوله تعالى (أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق) الآية تفسير الطبري: وما دام لم يرد دليل على ما ذكر فيتوقف في ذلك لأن هذه الظواهر الكونية وما بعدها مرتبطة بنواميس وسنن صار بعضها مفسرا عند علماء هذا المجال. وانظر: الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير للشيخ محمد بن محمد أبو شهبة ص ٤١٤-٤١٧.

1 / 69